إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90660 مشاهدة
أعلم الناس بالمغازي

يقول: أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة يعني بغزوات النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم أهل الشام يعني بغزو وفتوح الشام مغازي الواقدي اسمها فتوح الشام ثم أهل العراق كأصحاب ابن مسعود أهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم يعني غزوات النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد يعني هم لهم جهاد حيث إنهم فتحوا بلاد الشام ومصر والعراق ونحوها، كان لهم من الجهاد والسير ما ليس لغيرهم؛ لأن من كان مجتهدا في أمر فإنه يهتم بما يقع فيه.
يقول: لهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري الذي صنفه في ذلك، يعني أنه أصبح معتمدا مع أنه من جملة الكتب التي صنفت في المغازي وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار والأوزاعي عبد الرحمن بن محمد مشهور عالم الشام توفي سنة مائة وسبع وخمسين وهو من العلماء المشاهير من حفظة الحديث ومن علماء الأمصار فله علم بهذا كله.