إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90719 مشاهدة
تلقي التابعين تفسير القرآن عن الصحابة

يقولون: من التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة يعني تتلمذوا على الصحابة فلذلك إن كان التلاميذ أخذوا عن الصحابة رضي الله عنهم قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات. في بعض الروايات ذكر ابن كثير في مقدمة التفسير عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات أوقفه عند كل آية وأسأله عنها. يعني أخذه، أخذ التفسير عن ابن عباس ثلاث مرات يوقفه عند كل آية.
وابن عباس رضي الله عنه صحابي جليل، ومن العرب الفصحاء. ثم له ميزة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له في الأثر المشهور قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فكان آية في القرآن. ذكر ابن كثير في أول تفسيره أن ابن عباس فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه الفرس، والروم، والترك لأسلموا، يعني من بلاغته وقوته. ولهذا قال الثوري - الثوري سفيان بن سعيد بن مسروق العالم المشهور كان له مذهب ولكن أهمله أصحابه لم يدونوه - يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد يعني مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. ولهذا يعتمد الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم على التفسير المنقول عن مجاهد يعتمد على تفسيره الإمام الشافعي رحمه الله والبخاري .
فالبخاري أيضا في كتابه الصحيح ينقل كثيرا من الآثار. وأكثر ما ينقل عن مجاهد وغيره من التابعين يعتمدون على تفسيره، وغيرهما من أهل العلم . وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير. يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره. وكذلك ابن جرير الإمام أحمد ذكروا أن له تفسيرا، وأن فيه مائة وعشرين ألف أثر أو حديث. وإن كان ما تيسر العثور عليه .
والمقصود أن التابعين رحمهم الله تلقوا التفسير عن الصحابة، كما تلقوا عنهم علم السنة. وإن كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال. وتلقوا التفسير، وتلقوا الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم. لكن قد لا يوجد أثر عن الصحابة، فالتابعون بما أعطاهم الله تعالى من فهم القرآن قد يتكلمون في بعض الآيات بالاستنباط والاستدلال.
يستنبط أحدهم من هذه الآية كذا، أو يفسره بمعنى يفهمه. كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال عن الوقائع التي تقع لهم كثيرا ما يتوقفون فيها. وكثير منهم يحتاج إلى أن يفتي فيها برأيه، أو بما ظهر له من عمومات الأدلة. إذا لم يجد نصا فيستنبط الدلالة من حديث أو من آية ..فإن يجد ذلك مرفوعا فكذلك أيضا الآيات يستنبط منها فوائد وأحكاما، وما أشبه ذلك. يعني ليس كل ما نقل عن التابعين يكون مرويا عن الصحابة . بل قد يروى عن التابعين تفاسير فسروها بالاستنباط وبالفهم. وكذلك ليس كل ما روي عن التابعين من الأحكام ومن المسائل التي أفتوا فيها ليس كله يعتمدون فيه على النقل. بل قد لا يجدون في الآيات دليلا ولا في الأحاديث فيحتاجون إلى الاستنباط والاستدلال.