من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
133522 مشاهدة
السبب في عدم تعرف الكثيرين على الله

...............................................................................


وإذا قيل: لماذا الخلق الكثير لم يعرفوه ولم يعترفوا بحقه، ولم يعبدوه حق عبادته مع أنه تعرَّف إلى عباده بهذه المخلوقات التي نصبها دالة على عظمته؟ فالجواب أنه تعالى أخبر بأن الكثير من عباده لا يتفكرون ولا ينظرون، ولا يعتبرون فيما بين أيديهم وفيما خلفهم، وأنه سلط عليهم ما أذهب بصائرهم، وذلك بأنه خلق الخلق وجعل منهم قسمًا للنار وقسمًا للجنة قال الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ .
فهؤلاء الذين ينظرون في آيات الله تعالى، وينظرون في مخلوقاته، ويسمعون كلامه يتلى عليهم، وكذلك أيضًا لهم عقول ولهم أفهام؛ لكن عقولهم وأفهامهم عقول معيشية دنيوية. لا يتفكرون إلا في أمورهم الدنية، في أمور الدنيا؛ لذلك صدهم نقص عقولهم عن أن يتفكروا في المخلوقات، وإلا فلو تفكروا في أدنى المخلوقات إليهم أو في أنفسهم لعرفوا عظمة من خلقهم، لو تفكروا في خلق أنفسهم لعرفوا عظمة الخالق الذي أوجد الإنسان على هذه الخلقة هذه الكيفية، وكذلك لو تفكروا في المخلوقات صغيرها وكبيرها لعرفوا أيضًا أنه سبحانه هو الذي أوجدها وأنه أهل أن يعبد. ثم من حكمة الله تعالى أنه سلط الأعداء الذين يصدون عن سبيل الله، وإلا لو لم يكن هناك أعداء يصدونهم عن السبيل لما حصل هذا الإعراض وهذا الابتعاد من كثير من العباد.