يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
52862 مشاهدة
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية

وأمور العقيدة هي التي يجب الاهتمام بها والبداءة بها والعمل على تحقيقها؛ وذلك لأنها متى رسخت العقيدة في القلب، ورسخت أدلتها تبعتها الأعمال؛ انبعثت بقية الجوارح للأعمال، فأصبح كل عمل محبوبا إلى النفس، كل عمل صالح محبوب إلى النفس وخفيف وسهل ولذيذ.
وأما إذا لم ترسخ العقيدة التي هي معرفة الله وتعظيمه واستحضار عظمته لم ترسخ في القلب؛ بل بقي الإنسان في شك وفي حيرة، أو توالت عليه الشبهات؛ فإن الأعمال تكون ثقيلة على النفس؛ فلأجل ذلك اهتم العلماء قديما وحديثا بأمور العقيدة، وحرصوا على ترسيخها في القلوب، وإقامة البراهين والأدلة عليها، وحرصوا على كثرة الكتابة فيها، وأيضا فلأن الخلاف فيها مع المبتدعة؛ إما في أصلها كالخلاف مع الدهريين والشيوعيين ونحوهم، وإما في أقسامها كالخلاف مع المعتزلة ومع القبوريين ومع أهل الشركيات والتوسلات ونحوها؛ فالخلاف فيها خلاف مع مبتدعة؛ إما أنا نبدعهم وإما أنا نكفرهم؛ فلأجل ذلك كان المسلم بحاجة إلى أن يهتم أشد الاهتمام بمعرفة العقيدة.
وقد ذكرنا أن العلماء -علماء السلف- في القرن الثالث والقرن الرابع وآخر القرن الثاني كتبوا في أمر العقيدة وأكثروا، ولكن كتابتهم في أمور؛ في بعض البدع التي حدثت في زمانهم، فيذكرون عقيدة أهل السنة في التكفير وعدمه لمناقشة الخوارج، ويذكرون عقيدة أهل السنة في قدرة الله تعالى وعمومها، ويناقشون في ذلك المعتزلة، ويذكرون عقيدة أهل السنة في أسماء الله تعالى وفي صفاته، ويناقشون في ذلك شبهات المعطلة والجهمية، ويذكرون في عقائدهم ما يتعلق بأسماء الإيمان والدين وأحكام العصاة ونحوهم، ويناقشون في ذلك شبهات المرجئة.