الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
133497 مشاهدة
كثرة الحجب التي احتجب الله بها

...............................................................................


هكذا ورد في بعض الأحاديث كما سمعنا، ولا شك أن هذا دليل على كثافتها هذه الحجب. وفي بعضها أن جبريل أخبر بأنه بينه وبين الله سبعون حجابا، ولعله يريد أن تلك الحجب الأربعة متعددة أي: في كل واحد منها حجب منوعة، من نور أو من نار ومن ظلمة، ومن سحب ومما شاء الله.
وأصل الحجاب الحاجز بين شيئين ومنه قوله تعالى: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا فهاهنا الحجاب حجاب معنوي مستور عن الأعين، وساتر لهم لا ينظرون إليه، وقد يطلق أيضًا على الحجاب المعنوي الذي لا يمكن أن يخترق إلا من حيث المعنى. حكى الله تعالى عن المشركين قال تعال: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ أي: حاجب وحاجز لا يصل كلامك إلينا ولا نستمع إليه، أو لا نفقهه، ولكن هذه الحجب التي احتجب الله تعالى بها عن خلقه قد يكشفها إذا شاء؛ فمن ذلك ما ذكر في الأحاديث في الدار الآخرة، وفي الجنة أن أهل الجنة يرون الله تعالى عندما يكلمهم فيقول: إن لكم موعدا أريد أن أنجزكموه فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أُعطوا شيئًا أعظم عندهم من نظرهم إليه، وهو الزيادة. يكشف الله تعالى الحجاب في الدار الآخرة لأهل الجنة.