إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
133545 مشاهدة
الله أعطى كل مخلوق ما يحتاج إليه

...............................................................................


بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤمنون يدينون لله تعالى بالربوبية بأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه رب الأرباب ومسبب الأسباب، ويعترفون بأن جميع الكون خلقه وملكه، وأنه لا يكون حركة ولا سكون إلا بإذنه وبأمره، وبأنه خالق كل شيء ورب كل شيء ومالك كل شيء، جميع الموجودات ملكه وتحت تصرفه وتقديره، خلق كل مخلوق وأعطى كل شيء خلقه، وأكمل الكون في كل ما تحتاج كل المخلوقات التي أوجدها متحركة أو ساكنة أكمل خلقها، فلا يحس شيء منها بنقص فيما يحتاج إليه صغيرها وكبيرها، ولذلك يقول الله تعالى: الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى أي أنه سبحانه أعطى كل مخلوق ما يحتاج إليه، وما تتم به حياته حتى لا يحس بنقص أو بخلل في أمره وفي حياته، ولذلك الإنسان مثلا لو فقد أنملة من أنامل يديه أو أنامل رجله لأحس بفقدها، وعرف مهمتها ومكانتها مع أنها أنملة أي: ثلث أو نصف أصبع من الأصابع العشرة مثلا، وكذلك إذا فقد حاسة من الحواس ظهر عليه نقص ذلك جليا.
إذا فقد الشم مثلا أو فقد الذوق ظهر عليه النقص مما يدل على أن الذي خلقه كمّل له ما يحتاجه من الأعضاء الظاهرة والباطنة، وجعل لكل منها وظيفة لا يقوم غيرها مقامها، فمن فقد قدميه وأصبح مقعدا تحسر غاية التحسر واحتاج إلى من ينقله من مكان إلى مكان، وكذلك لو فقد إحدى رجليه اختل سيره، اختل مشيه وأصبح غير مستقيم، وهكذا إذا فقد يديه تحسر بحيث لا يستطيع أن يعمل شيئا، وإذا فقد أحدهما لا شك أيضا أنه يحس بالنقص الظاهر الجلي.
وهكذا حواسه الباطنة جعل الله لكل منها وظيفة، فللكبد وظيفة، وللرئة وظيفة، وللكرش وللأمعاء وللكلية وللطحال وللقلب كلها لها وظيفتها ولها عمل. إذا فقدت اختلت حياته وظهر عليه النقص الظاهر. لا شك أن هذا دليل عظمة الخالق الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى .