من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
14292 مشاهدة
زيادة الاجتهاد في الطاعات في العشر الأواخر

وبقي عندنا البحث الثاني الذي في هذه الليالي أو العمل الثاني وهو الجد والاجتهاد؛ في حديث عائشة الذي مر بنا أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله وجد.
الجد هو بذل الجهد في طلب الطاعات أو في فعلها؛ يعني: بذل ما يمكنه من الوسع، وذلك يستدعي أن يأتي الطاعة بنشاط ورغبة وصدق محبة، ويستدعي منه أن يبعد عن نفسه الكسل والخمول والتواني والتثاقل وأسباب ذلك، وإذا قلت: في أي شيء يكون هذا الجد؟
فنقول: الجد في الصلاة؛ يعني بأن يصلي ما استطاع، والجد في القراءة بأن يجتهد ويقرأ ما تيسر من القرآن، والجد في الذكر بأن يذكر الله ولا ينساه، وأن يجعل لسانه رطبا بذكر الله.
والجد في الدعاء بأن يدعو ربه تضرعا وخفية وأن يكثر من الدعاء، والجد في الأعمال الخيرية المتعدية بالنصائح والعظات، وما أشبه ذلك، والجد في العلم والتعلم وما يتصل بذلك؛ كل ذلك من الجد داخل في قولها: جد؛ أي: اجتهد في الأعمال كلها.