إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
22901 مشاهدة print word pdf
line-top
التهنئة بقدوم رمضان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
أيها الأحبة في الله: في هذا اليوم الطيب المبارك نعيش فرحتين: الأولى: بمقدم شهر رمضان، وفقنا الله، وبلغنا إياه، والفرحة الثانية: بحضور فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء بالرئاسة العامة لدار .. والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، والشيخ -جزاه الله خيرا- يعني: رغم كثرة أعماله اقتطع جزءا مهما من وقته؛ للقاء بكم والإجابة على استفساراتكم وأسئلتكم. نسأل الله عز وجل أن يثيبه، وأن يحسب خطاه، ونرجو منكم أن تكونوا آذانا صاغية وواعية. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والآن نترككم مع فضيلة الشيخ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإني فرح مسرور بهذه الدعوة، والتي تدل أو تنم عن محبة للخير، ومحبة للتفقه في الدين، ومحبة للإفادة والاستفادة -إن شاء الله- وأعتذر بأني محل النقص، ومحل السهو والغفلة، ولكن من باب المساهمة فاقبلوا ما كان صوابا، ونبهوني على ما كان خطأ، أو فيه نقص وتقصير.
فأولا: أهنئكم ونفسي بإقبال شهر رمضان؛ الذي كان السلف -رحمهم الله- يهنئ بعضهم بعضا بقدومه؛ بل روي أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يبشر أصحابه بقدومه، فخطبهم مرة كما في الحديث الذي رواه سلمان في آخر يوم من شعبان؛ يعني: في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، أو في اليوم الثلاثين منه، وأخبرهم بقوله: إنه قد أظلكم شهر عظيم مبارك؛ شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا؛ شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فيه فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتقا لرقبته من النار. قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم. قال: يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائما على مذقة لبن، أو شربة ماء، أو تمرة، ومن أشبع فيه صائما -أو من سقى فيه صائما- سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة؛ فاستكثروا فيه من أربع خصال؛ خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فلا إله إلا الله والاستغفار، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتستعيذون به من النار ؛ هكذا روي في هذا الحديث بهذا المعنى.
وروي أيضا أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يفرح بقدوم رمضان، فكان إذا دخل رجب يقول: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان .
وهكذا أيضا كان السلف -رحمهم الله- يفرحون بذلك، ويتهانون به، ويدعون الله به، فكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، فتكون سنتهم كلها اهتماما برمضان؛ وذلك لأن له ميزات وخصائص، فنذكر بعضا منها على وجه الاختصار؛ حتى لا نطيل معكم:

line-bottom