زيادة الاجتهاد في الطاعات في العشر الأواخر

وبقي عندنا البحث الثاني الذي في هذه الليالي أو العمل الثاني وهو الجد والاجتهاد؛ في حديث عائشة الذي مر بنا أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله وجد. الجد هو بذل الجهد في طلب الطاعات أو في فعلها؛ يعني: بذل ما يمكنه من الوسع، وذلك يستدعي أن يأتي الطاعة بنشاط ورغبة وصدق محبة، ويستدعي منه أن يبعد عن نفسه الكسل والخمول والتواني والتثاقل وأسباب ذلك، وإذا قلت: في أي شيء يكون هذا الجد؟ فنقول: الجد في الصلاة؛ يعني بأن يصلي ما استطاع، والجد في القراءة بأن يجتهد ويقرأ ما تيسر من القرآن، والجد في الذكر بأن يذكر الله ولا ينساه، وأن يجعل لسانه رطبا بذكر الله. والجد في الدعاء بأن يدعو ربه تضرعا وخفية وأن يكثر من الدعاء، والجد في الأعمال الخيرية المتعدية بالنصائح والعظات، وما أشبه ذلك، والجد في العلم والتعلم وما يتصل بذلك؛ كل ذلك من الجد داخل في قولها: "جد"؛ أي: اجتهد في الأعمال كلها.