إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
83153 مشاهدة print word pdf
line-top
خلاف الصحابة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: نور أنَّى أراه وفي رواية: رأيت نورا يعني: كيف أراه ودونه هذه الأنوار؟ دونه نور.
قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن حجابه النور، ثبت عنه أنه قال: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور, لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .
فهذا النور لا شك أنه لا يرى معه ذات الرب تعالى، فأما ما ذهب إليه ابن عباس من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة أسري به بعيني رأسه؛ فهذا قيل: إنه اجتهاد منه, وقيل: إنه اعتمد فيه على دليل، ولعله الأقرب أنه اجتهاد منه، ما دام أن في الحديث: نور أنَّى أراه ولم يذكر دليل واضح أنه رأى ربه، إلا ما روي عن ابن عباس أنه قال: كان لموسى التكليم، ولنبينا الرؤيا.
لقد أنكرت عائشة هذا الكلام، سألها بعض التابعين فقالوا: يا أماه هل رأى محمد ربه بعيني رأسه؟ فقالت: لقد قَفَّ شعري من هذا الكلام. ثم أنكرت, وقالت: لم ير ربه. فكأن ذلك الذي سألها كان عنده بعض من الأدلة؛ فقرأ عليها قول الله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وظن أن الضمير في وَلَقَدْ رَآهُ يعود إلى الله تعالى؛ فذكرت أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بأنه يعود إلى جبريل أنه رآه على الصورة التي خلق عليها مرتين، المرة التي في سورة النجم: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى والمرة الثانية في سورة التكوير: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ؛ وذلك لأنه يعود إليه: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ هذه كلها وصف لجبريل عليه السلام فيكون قوله: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ يعود إليه.
فعلى هذا.. يفسر القول بأنه رآه أنه رأى ربه بعيني قلبه، أنه رآه رؤية قلبية؛ لا أنه رآه برؤيته البصرية، كيف وقد أخبر الله عن موسى بأنه لا يراه مع أنه كلمه؟! فقال: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ .

line-bottom