لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
الكنز الثمين
92867 مشاهدة
آيات الصفات محكمة جليّة ظاهرة المعاني مفهومة الدلالة

ثالثا : آيات الصفات محكمة جليّة ظاهرة المعاني مفهومة الدلالة:
قال في السطر الثاني من الصفحة الثانية: [أما الآيات المتشابهات فلا بد فيها من التأويل، خوف التجسيم والتشبيه.. إلخ].
والجواب:
إن هذا قول خاطئ مخالف لقول الراسخين في العلم، الذين يقولون في المتشابه: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا .
فقد ذم الله الزائغين الذين: يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ .
إن هذا الكاتب اعتقد أن آيات الصفات فقط هي القسم المتشابه وحده، وهو خاطئ من حيث العموم؛ فإنها محكمة جلية، ظاهرة المعاني، مفهومة الدلالة، فسرها السلف والأئمة، وأوضحوا معاني ما اشتملت عليه، ولم يفوِّضوا لفظها كما يزعم أهل الكلام، ولم يحرفوا معانيها كما يدعي هذا الكاتب ونحوه: أن تأويلها لازم خوف التجسيم.. إلخ.
فأما قوله: [لأن القرينة تصرف اللفظ عن ظاهره.. إلخ].
نقول: ليس ثمَّ قرينة يحتاج معها إلى تحريف الكلم عن مواضعه، فمتى قلنا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا واعتقدنا أن الألفاظ دالة على معاني صحيحة مفهومة للمخاطبين، وأنها دالة على صفات تناسب الموصوف، وتباين صفات المحدثات ونحو ذلك، لم نحتج إلى صرف اللفظ عن ظاهره، حيث يتكلف في هذا الصرف، وحيث يكون المعنى المصروف إليه بعيدًا عن السياق وعن المفهوم المتبادر للسامعين، فإن المخاطبين به عند نزوله لم يحرفوا معانيه، ولم يفهموا منه شيئا من خصائص المخلوق، بل أثبتوا كل الصفات الواردة واعتقدوها لائقة بالموصوف، فلما جاء من بعدهم وفشت فيهم المذاهب الكلامية توسعوا في البحث، فاعتقدوا أن ظاهر النصوص يقتضي التجسيم والتشبيه، فسلطوا عليها أنواع التأويل كأضراب هذا الكاتب هداهم الله.