الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
85710 مشاهدة print word pdf
line-top
رؤية الله تعالى مناما

ثم الأحاديث التي فيها أنه عليه السلام رأى ربه في المنام، هذه منها ما هو صحيح، منها هذا الحديث الذي أورده أنه قال: رأيت ربي في أحسن صورة وذكر أنه قال: ووضع أصابعه على صدري حتى وجدت برد أنامله في صدري هذه رؤيا منامية، والرؤيا المنامية لا تدل على الكيفية، ولا تدل على الصورة، على أنه في هذه الصورة؛ لأنها رؤيا منامية ولو كانت رؤيا من النبي صلى الله عليه وسلم... فالرؤيا المنامية لا يلزم أن تكون مثل ما يرى.
ولا شك أن الإنسان يرى في المنام أشياء وأكثرها خيالات، ومنها أنه قد يرى ربه، قد يرى مثلا أن الساعة قد قامت، ويرى أن الله تعالى يحاسبه ويحاسب الرجال؛ فلذلك لا يتوهم أن من رأى ربه في المنام أن الله تعالى على تلك الصفة؛ فالله تعالى ليس كمثله شيء، ولا يمكن أن يتصوره العباد، ولا يحيطون به علما، ولا تصل إلى كيفيته أو تكييفه أفهام البشر؛ بل عليهم أن يؤمنوا بأنه الرب العظيم الذي هو أعظم من كل شيء، وأنه فوق سماواته، وأنه فوق العرش كما أخبر عن نفسه؛ ومع ذلك أنه سميع قريب: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ وأنه مطلع عليهم.
ويؤمنوا بأنه لا يراه أحد إلا بعد الموت, ورد ذلك في حديث الدجال لما ذكر وصف الدجال قال: واعلموا أن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت يعني: لا يمكن لأحد أن يراه في الدنيا.
ومع هذه الأدلة فإن غلاة الصوفية يدعون أنهم يرون ربهم، وأن الأقطاب والأبدال الذين يعتقدون فيهم يرون أنهم يتصلون بالملأ الأعلى، ويأخذون من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي ينزل بالوحي، يأخذون منه؛ فلذلك يفضلونهم على الأنبياء والرسل, ويستغنون بكلامهم عن الشريعة، ولا شك أن هذا كفر، الذين يفضلون أقوال من يعتقدون فيهم من الأولياء على كلام الله وكلام رسوله كفار مكذبون لله، ومكذبون لرسله.
فعلى هذا.. لا يُغْتَر بما يذكر في كتب هؤلاء الخرافيين، ولا يزال لهم بقايا, يعني الخرافيون والصوفيون ونحوهم، لا يزالون متمكنين، وقد وصل بهم الأمر إلى أن عبدت قبورهم وعظمت، وصرف لها أنواع العبادة؛ فلا يغتر بهم، والإنسان عليه أن يتبع الحق, ويقتصر على ما ورد في الكتاب والسنة؛ ففيهما الدليل والمقنع لمن يريد الحق ويقصده.
ويأتينا تتمة الكلام في مثل هذا، في بقية الأحاديث التي يسردها ويتبين بها أن غالب اعتماد الصوفية على أحاديث خرافية لا حقيقة لها.

line-bottom