اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
الكنز الثمين
159334 مشاهدة print word pdf
line-top
الاقتصاد والتوسط في حقه صلى الله عليه وسلم

الأمر السابع : الاقتصاد والتوسط في حقه صلى الله عليه وسلم:
جرت سنة الله في خلقه بوقوع الإفراط أو التفريط، وأن كل أمة يقع منهم في الغالب غلو أو تقصير؛ لذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته المتبعين له من الغلو في حقه وإعطائه شيئا من خالص حق الله تعالى، ويتبين ذلك بما يأتي:
أولا : أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج عن كونه بشرا:
قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ فبين أنه اختص بالوحي إليه فقط.
وقال تعالى: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا وذلك لما طلب منه المشركون أن يفجر الأرض، أو يسقط السماء عليهم كسفا.. إلخ، فبين لهم أن الذي يملك ذلك هو ربه وحده ، فأما هو فإنما تميز بالرسالة التي حمله الله إياها.
وقد حكى الله عن الأمم السابقة طعنهم في رسالة الرسل بأنهم بشر، كما في قوله تعالى عن قوم هود أو صالح: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ .
وحكى عن المكذبين لمحمد -صلى الله عليه وسلم- أنهم قالوا: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ أي يسعى للتكسب وطلب الرزق ، فأجاب عن ذلك بقوله: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ أي ليسوا ملائكة؛ فإن البشر لا يتمكنون عادة من رؤية الملائكة، بل لو أرسل الله ملكا لما تمكنوا من مشاهدته حتى يتمثل في صورة إنسان فيقع الاشتباه ، قال تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ .
ولما وقع منه -صلى الله عليه وسلم- السهو في الصلاة، ولم يذكروه ظنا منهم أن الصلاة قد قصرت فقال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني متفق عليه .
ومتى كان الرسل بشرا فلا يناسب إعطاؤم شيئا من حق الله من صفة أو عمل.

line-bottom