جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح لمعة الاعتقاد
197166 مشاهدة
توسط مذهب أهل السنة

أما مذهب أهل السنة فإنهم متوسطون بين ذلك، ومتوسطون بين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوهم، وبين المرجئة مرجئة الفقهاء ومرجئة المعتزلة أو المعطلة؛ يكونون وسطا بينهم.
قالوا: إن المعاصي .. تضر وإنه لا بد أن يكون هناك عقاب، إلا أن يشاء الله، وإن الله تعالى توعد عليها بوعيد شديد مع كونها دون الكفر، فتوعد على بعضها بالنار، وتوعد على بعضها بالغضب.
فمثلا: توعد على أكل الربا مع أنه من المعاصي بقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ هذا ما ذكره إلا أنهم يأكلون الربا، وأنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وأنهم قالوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ومع ذلك توعدهم بالنار.
وكذلك في الأحاديث التي وردت في لعنهم كقوله: لعن الله آكل الربا وموكله واللعن الطرد والإبعاد من رحمة الله.
كذلك أيضا توعد الله على آكل مال اليتيم إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا وهذا أيضا وعيد، ما ذكر لهم إلا أنهم يأكلون أموال اليتامى ظلما؛ فتوعدهم بهذا الوعيد.

وكذلك توعد على التولي يوم الزحف في قول الله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ فتوعدهم على هذا مع كونهم جاءوا لقتال المشركين، ولكنهم انهزموا فتوعدهم بهذا الوعيد.
وكذلك توعد على رمي المحصنات بالزنا كذبا في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلى آخر الآيات.
وهكذا الكثير من المعاصي ورد فيها وعيد؛ فدل على أن المعاصي تضر، وأنها قد تسبب دخول النار.
فمعتقد أهل السنة أن العصاة إذا كانت معاصيهم دون الكفر ودون الشرك فإنهم متوعدون؛ فإما أن يعفو الله تعالى عنهم ولا يعاقبهم، وإما أن يعاقبهم بالنار وإذا دخلوا النار فإنهم على اعتقاد أهل السنة إذا كانوا من أهل التوحيد لا يخلدون فيها، وإنما يعذبون بقدر ذنوبهم، هذا معتقدهم.
دليل ذلك قول الله تعالى. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ما دون الشرك يغفره إذا شاء.