إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح لمعة الاعتقاد
197646 مشاهدة
جهود العلماء من أجل إظهار العقيدة السليمة

عند ذلك اجتهد علماء السنة في أن يؤلفوا عقائد تثبت عقيدتهم التي يدينون بها لله -عز وجل- فكتب الإمام أحمد عقيدة، وكتب ابنه عبد الله عقيدة، وكتب البيهقي عقيدة، وكتب ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم وأبو عبيد القاسم بن سلام وتوسع بعضهم كصاحب الشريعة واللالكائي والخلال في كتاب السنة ونحوهم وحفظ الله تعالى أكثر تلك الكتب التي تتعلق بالعقيدة وبالسنة وبما كان عليه سلف الأمة وتتضمن إثبات هذه الصفات التي هي صفات كمال، وكتب الرد على أولئك المبتدعة الذين بالغوا في إنكار هذه الصفات كلها فكانت تلك حجة قائمة على من بلغته؛ ومع ذلك فإنه في القرون الوسطى بعد القرن الرابع تخافتت تلك الكتب واختفت وكانت محفوظة في مكتبات خفية لا أحد يقرؤها ولا يعلم محتواها.