شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح لمعة الاعتقاد
197144 مشاهدة
اتفاق أئمة السلف والخلف على الإقرار بصفات الله

يقول: وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم السلف هم أهل القرون الثلاثة الذين زكاهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .
فالقرن الأول هم الصحابة وآخرهم مات سنة مائة وعشر أو قريبا منها والقرن الثاني هم التابعون وقد بقي بعضهم إلى مائتين إلى سنة المائتين وزيادة والقرن الثالث الذين بعده هم تابعو التابعين الذين بعضهم في القرن الثاني وبعضهم في القرن الثالث.
هؤلاء السلف من بعدهم هم (الخلف) يعني الذين خلفوهم وصاروا على طريقتهم الخلف الذين جاءوا خلفا عن الأئمة وعن أتباع الأئمة أئمة الخلف ففي القرن الرابع أئمة على طريقة السلف نهجوا منهجهم.
فابن جرير توفي سنة ثلاثمائة وعشر فيعتبر من أهل القرن الرابع يعني أدرك منه عشرة وكذلك ابن أبي حاتم أيضا له تفسير اعتمد فيه على أقوال السلف كذلك ابن خزيمة له كتاب التوحيد وهو من أهل القرن الرابع ابن حبان جمع في كتابه التقاسيم جمع فيه كل ما وصل إليه بما يتعلق بالصفات وما يتعلق بالأحكام وهو أيضا في القرن الرابع.
وكذلك الآجري صاحب الشريعة واللالكائي صاحب الشرح شرح أصول الأحكام أو شرح معاني الأحكام والعقائد ونحوها، كذلك أيضا من بعدهم من الأئمة كابن بطة والقارئ وابن أبي يعلى وابن قدامة ونحوهم فهؤلاء من أئمة الخلف.
يفرقون بين الْخَلَف والْخَلْف بإسكان اللام فإنهم أهل الضلال قال تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ فهؤلاء يقال لهم خلف يعني خلف سوء.
وكذلك قوله تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فالْخَلَف هم خلف الخير والْخَلْف خلف السوء فكل السلف وكل الخلف متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات يقرون الأدلة ويقولون أمروها كما جاءت بلا كيف أمروها كما جاءت واقبلوها على ما هي عليه إلا أنكم لا تشتغلوا بكيفيتها.
لا تسألوا عن الكيفية فإن الكيف مجهول، هذا معنى إقرارهم بها يعني اعترافهم بأنها حق والإمرار يعني التقبل لها وقراءتها والإثبات يعني اعتقاد دلالتها، وأن الصفات التي دلت عليها ثابتة صحيحة يثبتون ما ورد من الصفات في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تعرض لتأويله.