إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح لمعة الاعتقاد
197175 مشاهدة
إثبات صفة العجب لله تعالى

من الصفات أيضا قوله: عجب ربك من الشاب ليست له صبوة معناه عادة الشباب يكون لهم ميل إلى اللهو وإلى اللعب تجدهم في سن الشباب أي من فوق العاشرة إلى العشرين يهوون اللعب ويطربون له ويكثرون منه فيسمى ذلك صبوة, فإذا رئي شاب عزف عن هذا اللعب وأقبل على العبادة, واشتغل بالعلم, فإن هذا محل عجب؛ كيف عزفت نفسه عن الصبا, وعن اللهو واللعب, فهذا معنى الحديث: عجب ربك من الشاب ليست له صبوة .
إثبات العجب صفة فعل؛ يعجب الله إذا شاء ولو قال إن العجب أمر يحدث في القلب يكون من آثاره الإستغراب للشيء الغريب, وهذا لا يليق بالخالق بل نقول إنه صفة أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه وقال لربه وقد أثبتها الله لنفسه قال الله تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ يعني إذا عجبت فإن قولهم عجيب وكذلك قرأ بعض القراء السبعة في سورة الصافات ( بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ ) فيها قراءتان سبعيتان (بل عجبتُ) و بَلْ عَجِبْتَ أقرهما ابن جرير وقال نزل القرآن بهما معا بأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

ينكر الأشاعرة ونحوهم صفة العجب؛ ثم ذكر لنا بعض الإخوان, أنه كان يدرس في أحد المعاهد العلمية قبل نحو خمسين سنة, كان المدرس أشعريا, جاء إلى إعراب آية في سورة عبس وهي: قوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ فقال المفسرون قالوا: إن ما تعجبية فأنكر ذلك الأشعري مصري كان يدرس في ذلك الوقت أنكر، وقال: لا يجوز إثبات العجب لله العلي الكبير لا يعجب, فعند ذلك قيل له إن هناك أدلة أخرى تدل على هذه الصفة, ومنها هذا الحديث : عجب ربك من الشاب ليست له صبوة .
ومن هذا الحديث الآخر في قوله صلى الله عليه وسلم عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم آزلين قانطين فيظل يضحك يعلم أن فرجه قريب فيه إثبات صفة العجب, فجادلوا ذلك الأشعري؛ فتظاهر بعد ذلك بالموافقة وأن الله يعجب لا كعجب المخلوق, يمكن أنه اقتنع, ويمكن أنه تظاهر؛ فالحاصل أن هذه أدلة على إثبات صفة العجب. مَا أَكْفَرَهُ يعني: ما أعجب كفره؛ عجبا لكفره مع اعترافه بأن الله تعالى هو الذي خلقه.