إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
75588 مشاهدة
الصفة الرابعة الفجور عند الخصام

...............................................................................


وأما الخصلة الرابعة؛ وهي الفجور فيقول: وإذا خاصم فجر الفجور الحلف كاذبًا وهذا من أعظم المحرمات إذا حلف كاذبا صدق عليه أنه فاجر.
ولا شك أن الفجور من صفات الكفار قال الله تعالى: إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ فسماهم فجارا وهم كفار، وقال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قد يقال: إن هذا في الكفار, فنعم إنه في الكفار، وسمي الكفار فجارا لأنهم يخلفون ما وعدوا الله تعالى، كما حصل للمنافقين في قوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وأيضا فإنهم يفجرون؛ يعني يعدون ولا يوفون ويحلفون ولا يصدقون في حلفهم، ويكون فجورهم؛ بمعنى حلفهم وهم كاذبون، قد ذكر الله تعالى كثرة الحلف عن المنافقين كما في قوله تعالى: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فكثرة الحلف مع عدم الوفاء به يسمي فجورا، وأشد ما يكون إذا حلف عند الحاكم وفجر واستحل بهذا الحلف مالا بغير حق يأخذه بغير حق، فإن ذلك أعظم إثما، حيث أنه استحل بحلفه المال الحرام، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من اقتطع مالا بغير حق بيمين هو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان. قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبًا من الأراك أي عود سواك.
وتوعد الله تعالى على الكذب الذي يستحل به الحرام بوعيد شديد، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ خمس عقوبات على هذا، ما ذكر الله إلا أنهم يشترون بأيمانهم وبعهد الله ثمنا قليلا؛ يعني يحلفون وهم كاذبون حتى يحصلوا على مال قليل، الدنيا وما فيها كلها قليل فلو حصلوا على مئات الألوف أو ألوف الألوف بهذه اليمين فإنهم خاسرون؛ حيث أنهم باعوا دينهم وباعوا أعمالهم الصالحة، وباعوا أماناتهم بهذا المال القليل الذي استحلوه بهذه الأيمان الكاذبة فهذا معنى قوله: وإذا خاصم فجر فإذا خاصم عند القاضي، إذا رفعت له خصومة عند القاضي فجر؛ فإما أن يفجر بالكذب فيدعي ما ليس له، فيقول: لي عند فلان مائة أو ألف أو مائة ألف وهو كاذب، أو يحلف على أنه ليس له عنده شيء، وهو يعلم فيجحد الذي في ذمته أو يدعي شيئا ليس له، ويحلف على ذلك، فذلك من الفجور الذي هو من صفات المنافقين.