اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
75555 مشاهدة
حقيقة النصح

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. الحديث الثالث: عن تميم الداري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. هذا من الأحاديث الجامعة التي تحتوي على كلام مختصر، ولكن يدخل في ذلك جميع أو أكثر ما يتعلق بالدين أخبر بأن الدين هو النصيحة.
الدين يراد به دين الله الذي هو دين الإسلام، ويسمى جميع ما يتقرب به إلى الله تعالى دين؛ فأركان الإسلام من الدين وأركان الإيمان وركن الإحسان كلها من الدين؛ كما تقدم في حديث جبريل عليه السلام لقوله: هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم، أو يعلمكم أمر دينكم ثم أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأن الدين محصور في النصيحة ؛ ولأهمية ذلك كرر الكلمة ثلاث مرات قالها ثلاثا الدين النصيحة. الدين النصيحة. الدين النصيحة ولما سمعوه عرفوا أن هذا التكرار؛ لأجل أهمية النصيحة وأهمية هذا الأمر، فقالوا: لمن تكون النصيحة؟ فأخبر بأن النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
كلمة النصيحة مشتقة من النصح الذي هو الخلوص، يقولون: نصح العسل يعني خلصه وصفاه مما يكون فيه، فيقولون: فلان ناصحا لك؛ أي أنه محب لك ويحب لك الخير ويدلك عليه وينصحك؛ يعني يرشدك إلى خير ما يعلمه مفيدا لك.
فالنصيحة مقتضاها أن ينصح الإنسان لمن يوده، ويؤدي إليه حق هذه النصيحة. وقد بعث الله تعالى بها الرسل أن ينصحوا لأقوامهم فقال تعالى في قصة نوح أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ أي أحب لكم الخير، وأدلكم عليه من باب مودتكم، وقال في قصة هود أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أخبر بأنه ناصح لهم.
وقال في قصة صالح لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ أخبر بأنه نصح لهم، وإنهم ردوا نصيحته ولم يحبوا من ينصحهم، وكذلك قال في قصة شعيب لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ فكل الأنبياء أخبر الله بأنهم ناصحون لقومهم أي محبون لنجاتهم.
فالذين يحبون لك الخير لا بد أنهم يدلونك عليه، وإذا دلك أحد على خصلة من خصال الخير عرفت بأنه ناصح لك، وضد النصيحة الغش والخديعة، فالناصح هو الذي يخلص محبته ومودته لأخيه ويدله على الخير، ويحذره عن الشر، هذا حقيقة النصح كلمة معروفة مشتهرة لا تحتاج إلى تفسير كلمة النصيحة.
ثبت عن جرير -رضي الله عنه- قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم هكذا كان يبايع أن ينصح المسلم للمسلمين، ويدلهم على الخير ويحذرهم عن الشر، ويكون هذا هو نتيجة أو علامة النصح، فإذا رأيت الذي يحذرك من شر تقع فيه كنت عرفت بأنه لك من الناصحين، وإذا جاءك من يدلك على خير وعلى مصلحة قلت: هذا ناصح لي هذا يحب لي الخير فنصحني بذلك.