تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
54514 مشاهدة
الفرق بين اللعنة والغضب

...............................................................................


وإذا قلت: لماذا جعل اللعنة عليه، والغضب عليها ؟. تعرفون أن اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله؛ الطرد والإبعاد، وأما الغضب فهو سخط الله تعالى على العاصي الذي يؤثر أنه إذا غضب عليه فإنه يلعنه ويعذبه وزيادة؛ ورد في حديث قدسي أن الله يقول: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت؛ وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت؛ ولعنتي تبلغ السابع من الولد.
فأخبر بأن من آثار الغضب اللعن؛ فدل على أن الغضب أشد أثرا وأشد عقوبة من اللعن؛ لأن من غضب الله عليه؛ فإنه يستحق العذاب؛ يعذبه إلا أن يتوب أو إلا أن يشاء الله . ذكر الله الغضب في العصاة ونحوهم، وذكره في اليهود كقوله : فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ يعني: أنهم رجعوا بغضب من الله على غضب، وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ .
وسماهم المغضوب عليهم في سورة الفاتحة: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ؛ وذلك بيان لعظم ذنبهم وعظم ما اقترفوه.
ثم كذلك أيضا اللعن والغضب، جمع بينهما في حق القاتل عمدا، بدأ بالغضب في قوله تعالى: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا وجمع بينهما في حق المنافقين والكفار في قوله: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا .
فعرف بذلك أن الغضب؛ أنه أشد من اللعن؛ لأن اللعن من آثار الغضب. ومن آثار الغضب العذاب: عذاب أليم، عذاب النار، وعذاب الدنيا، وعذاب البرزخ؛ كل ذلك من آثار غضب الله تعالى على من غضب عليه.