الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
189192 مشاهدة
تعذر المسلم فيه عند حلول الأجل

ولا يعتبر وجود المسلم فيه وقت العقد؛ لأنه ليس وقت وجوب التسليم، فإن أسلم إلى محل يوجد فيه غالبا فتعذر المسلم فيه بأن لم تحمل الثمار تلك السنة أو تعذر بعضه، فله- أي: لرب السلم- الصبر إلى أن يوجد فيطالب به أو فسخ العقد في الكل إن تعذر الكل أو في البعض المتعذر، ويأخذ الثمن الموجود أو عوضه أي: عوض الثمن التالف؛ لأن العقد إذا زال وجب رد الثمن ويجب رد عينه إن كان باقيا أو عوضه إن كان تالفا أي مثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان متقوما هذا إن فسخ في الكل، فإن فسخ في البعض فبقسطه.


يقول: قد تقدم أنه لا بد أن يوجد المسلم فيه وقت الحلول غالبا، وأنه لا يصح أن يسلم في معين؛ لأنه قد ينقطع مثلا ذلك المعين كثمرة بستان معين أو ثمرة قرية صغيرة أو نتاج الفحل الفلاني، فحل إبل أو فحل غنم، ثم لو قدر أنها كاملة الشروط ولكن عند الحلول ما وجد، ما أثمر نخله تلك السنة ولا يجد تمرا يشتريه لك، تعذر الكل أو تعذر البعض أثمر نخله ولكن ثمرة قليلة، أعطاك مثلا نصف الذي لك، وبقي النصف، وكذلك مثلا لو ضعُف الزرع، فلم تحصل إلا على نصف الدين، نصف الدين الذي لك، ففي هذه الحال ماذا يحصل، يقول: إذا تعذر الكل أو تعذر البعض فلك الخيار، إما أن تصبر إلى السنة القادمة وإما أن تطالبه بالثمن، فإذا صبرت فإنه لا يجوز أن تغير المبيع بزيادة ونحوها، هذا من فعل الجاهليين، وهو أنهم إذا حل الأجل ولم يوف الثمن قالوا: إما أن تعطي وإما أن تربي، فيكون المبيع مثلا مائة صاع فتتعذر فيقولون: إما أن تعطينها حالَّةً وإلا نزيد فيها: نجعلها مائة وعشرة ونؤجلك إلى السنة القادمة، ثم إذا حلت السنة القادمة وهم مائة وعشرة، ولم تسلم جعلوها مائة وخمسة وعشرين، زاد في كل سنة، فمثل هذا يعتبر ربا .
الحاصل أن له الصبر بدون زيادة أو مطالبته بالثمن، فإن كان الثمن موجودا بعينه فإنه يعطيه يقول ..مثلا: أنا بعتك في ذمتي مائة صاع بثلاثمائة ريال، ولكن ما وجدت مثلا إلا نصفها وبقية دراهمك موجودة خذها، فتأخذ منه الموجود من البر وتأخذ منه بقية الثمن إن كان موجودا، ويجوز أن تأخذ قيمته، وذلك مثلا: إذا لم يكن عنده دراهم، فتأخذ قيمة الدراهم المتعذرة؛ تعذر لك مثلا مائتان تأخذ قيمتها من غنمه مثلا أو من إبله أو من متاعه من أمتعته أو ما أشبه ذلك وتكون بذلك قد أخذت نصيبك أو حقك .
هذا إذا تعذر الكل أو تعذر البعض فله الصبر، وله إذا صبر فليس له زيادة على حاله، أو له طلب العوض، فإذا طلب العوض فإنه يأخذ الثمن، ثمن ما دفعه أو عوضه أو بعضه إذا كان متعذر البعض بأن تعذر نصفه، فيأخذ قيمة النصف المتعذر، ويكون بقيمته بدون زيادة ولا نقصان، هذا هو الأصل في ذلك، والأولى أن يصبر؛ لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ والنظرة: معناها: الإنظار والتأخير، وفي الحديث: من أنظر معسرا - يعني أخر مطالبته - فله ثواب كذا وكذلك التفريج عليه: من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة فبكل حال الأصل أنه يبقى، يبقى الثمن كله أو يبقى بعضه ويطالبه بما تيسر، وإذا لم يجد فلا يشق عليه ولا يكلفه أن يبيع أرضه مثلا أو يبيع دوره أو يبيع أمتعته أو نحو ذلك فإن ذلك فيه ضرر عليه كبير.
أسئـلة
س: شيخ..: هذه الأزمنة هناك بعض العقود يشترط فيها شروط كالشرط الجزائي، وإذا حل الأجل ولم يأت بالمثمن أو لم يأتِ بالثمن وضعوا عليه شرطا جزائيا ..؟
لا يجوز مثل هذا لكن هذا الشرط هذا يكون مقابل التفريط ويكون في الإجارات مثلا إذا التزم بأن يبني هذه العمارة في سنة فقال: إذا أخرتها عن سنة فكل شهر عليك مثلا بخمسة آلاف يعد هذه أجرة لها يلتزم بذلك، فهذا جائز.
س: أما إذا زيد عليه؟
أما الزيادة فلا .
س: شيخ، لو سمحت: إذا لم يملك إلا النصف هل يتعين عليه أخذه أم يصبر؟
يأخذ الموجود ويصبر.
س: هل يتعين عليه أخذ النصف؟
لا، له الخيار.