الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
189171 مشاهدة
ما لا يثبت فيه خيار الشرط

ولا يثبت خيار الشرط في غير ما ذكر كصرف وسلم وضمان وكفالة.


لا يصح في الصرف. لماذا؟ لأن الصرف يشترط فيه أن يكون يدا بيد. الصرف بيع نقد بنقد، ولا بد فيه من التقابض قبل التفرق، وشرط الخيار فيه تفرق. خيار الشرط؛ لأن به يشترط الخيار مدة معلومة. فإذا قال مثلا: اصرف لي هذا الجنيه، فقال: بخمسمائة، فقال: سأعطيك الجنيه وآخذ الخمسمائة، ولي الخيار يوما أو يومين. ما يجوز الصرف لا بد أن يكون مجزوما به، وأن يكون يدا بيد، ولا يصح الرد فيه. هذا الصرف.
وأما السلم، فالسلم عندهم أيضا لا بد أن يكون مقبوضا ثمنه في مجلس العقد تعريفه عندهم يقولون: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد. فلما كان مؤجلا، فإن مضي كل يوم يقرب الأجل. فضلا عن مضي شهر. فإذا قال: اشتريت منك مائة كيس. كل كيس عشرين صاعا من البر الذي نوعه كذا. تسلمه لي في شهر صفر، وخذ ثمنه مقدما، ولي الخيار مدة شهر. فمثل هذا إذا مضى الشهر قرب الأجل. لا يصح؛ لأنه ينتفع هذا بهذا، وينتفع هذا بهذا، فيتضرر صاحب الدراهم مثلا حيث إن هذا ينتفع بدراهمه، ثم يردها عليه، ويقول: دراهمك خذها، والبر لي، وليس بيننا بيع. الصرف والسلم.أيش بعد هذا؟
أما الضمان، فإنه تبرع أيضا، وكذلك الكفالة. الضامن متبرع بضمان هذا المدين. وإذا تبرع فإنه يترتب على ضمانه إثبات الحق لمستحقه. فصاحب الحق يقول: أنا ما تركت هذا يذهب إلا لأنك ضمنت لي ديني، أو كفلت لي إحضار غريمي، فكيف تشترط خيارا؛ لأن الغريم يذهب، ولا نجد غيرك، فلا يجوز. نعم.