إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
193332 مشاهدة
بيع رباع مكة

ولا يجوز بيع رباع مكة ولا إجارتها لما روى سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعا: رباع مكة حرام بيعها حرام إجارتها، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: مكة لا تباع رباعها ولا تخلى بيوتها رواه الأثرم .


لا ندري كيف نشرح هذا؛ فإن الواقع يخالفها. الآن تباع بأغلى الأثمان وتؤجر بأغلى الأثمان، وارتفعت قيم الإيجار ارتفاعا زائدا، ولم يعمل بهذه الجملة ولم يعمل بهذا الكلام. هي المسألة فيها خلاف، فيرى الإمام أحمد أنها لا تملك، لا تملك البيوت ولا تملك الدكاكين ولا تملك الأراضي، ولا يجوز تأجيرها، ويرى أنك إذا سكنت في بيت مثلا ولو سنة ولم تدفع أجرته، فلا شيء عليك. هكذا يذهب الإمام أحمد ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة يعني بالقوة وبالغلبة، ولم يقسمها بل تركها وقفا، وحيث إنها أصبحت وقفا فلا يملكها من بنى فيها، الذين بنوا يعتبرون متبرعين يسكنون ماداموا ساكنين، فإذا استغنوا فليس لهم البيع وليس لهم الإيجار إما أن يسكنوا فيها من أرادوا بدون إيجار، وإما أن يمسكوها من اشترى منهم فلا يدفع ثمن، ومن استأجر منهم فلا يدفع أجرة هكذا يرى الإمام أحمد