قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
193264 مشاهدة
إذا اختلف المتعاقدان في حصول العيب

وإن اختلفا أي: البائع والمشتري في معيب عند من حدث العيب؟ مع الاحتمال فقول مشترٍ مع يمينه إن لم يخرج عن يده؛ لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت فكان القول قول ينفيه، فيحلف أنه اشتراه وبه العيب، أو أنه ما حدث عنده، ويرده.


إن اختلفا عند من حدث العيب. إذا قال المشتري: اشتريت هذا الكأس وهو متصدع، فقال البائع: بل أنت الذي صدعته. اشتريت هذا الثوب وفيه هذه الخروق، فقال: بل أنت الذي خرقته. اشتريت هذه الشاة وهي مريضة، فقال: بل المرض حدث عندك. اشتريت هذه السيارة وفيها هذا النقص أو فيها هذا الخراب، فقال: بل أنت الذي حملتها ما لا تطيق فخربت أو نحو ذلك. اختلفا عندما حدث العيب. القول قول المشتري. في هذه الحال يقولون: لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت. الجزء الفائت الذي هو نقص مثلا إما نقص في الثمن أو نقص في السلعة، الأصل عدم القبض في الجزء الفائت.
ففي هذه الحال يحلف أنه اشتراها وهي معيبة ثم له أن يردها. اشترطوا أن لا يخرج عن يده. فإن خرج عن يده، فإنه يمكن أنه حدث عند ذلك الذي قبضه. فإذا سلم السيارة مثلا لصبي، وذلك الصبي أخذ يفحط عليها، أو يسير عليها بسرعة. فوجد فيها مثلا خلل؛ انكسار في ماكينة أو في شيء من الأدوات الداخلة. فإنه مفرط حيث أخرجها من يده. فالقول قول البائع والحال هذه.
وكذلك مثلا لو أعار الثوب إلى من يلبسه، فجاء به وقد تشقق، فقال: هذه الشقوق قديمة. فالمشتري فرط حيث أعارها أو أجرها لمن يستعملها، فالقول قول البائع حيث إنها خرجت عن يد المشتري؛ فيحلف. إذا قلنا: القول قول المشتري، حلف أنه اشتراها وهو معيب، أو حلف أنه لم يحدث عنده هذا العيب، بل قديم فيها قبل أن أشتريها. نعم. ..تختلف الأحوال، تارة أخرجها عن يده في يد أمين. ما يمكن مثلا أنه يخل بها أو يفسدها. أعطاها إنسانا أمينا ووجد مثلا فيها هذا الخراب كالتصدع مثلا التكسر في الكاسات مثلا، أو وجد فيها الخلل في السيارة، أو المرض في البعير، أو في الشاة. فهذا الأمين مثل المشتري أمين. فللمشتري أن يحلف أن العيب قديم. أما إذا أخرجها إلى السفيه. العادة أن السفيه لا يبالي بما يصيبها. نعم.