جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
52828 مشاهدة
اهتمام علماء السلف بالتدوين في العقيدة

...............................................................................


لا شك أنه وجد بدعا، ولكن تلك البدع وجد من يقاومها، ووجدت أحاديث مكذوبة، ولكن وجد من ينقحها، ومن ينقي السنة، ووفق الله تعالى صدر هذه الأمة بأن كتبوا في سائر العلوم، فيما يتعلق بالعقيدة، وفيما يتعلق بالأحكام، وفيما يتعلق بالآداب فوفقهم الله تعالى وسددهم.
فمثلا: البخاري جعل في أول كتابه كتاب الإيمان، وهو من باب العقيدة، وفي آخره كتاب التوحيد، وهو من العقيدة. ومسلم أول كتابه الإيمان، سرد فيه ما يتعلق بالعقيدة، والترمذي جعل في كتابه كتاب الإيمان، وهو ما يتعلق بالعقيدة، وأبو داود جعل كتاب السنة وهو يتعلق بالعقيدة، وابن ماجه كذلك جعل في كتابه في أوله مقدمة تتعلق بالعقيدة، والدارمي في سننه كذلك أول سننه تتعلق بالعقيدة.
وأفرد بعضهم العقيدة كعثمان الدارمي له كتاب الرد على الجهمية، وكتاب الرد على المريسي والخلال له كتاب السنة، يتعلق بأهل السنة، ويتعلق بما ورد حولها، وكذلك عبد الله ابن الإمام أحمد له كتاب في السنة، وأبوه له أيضا رسائل تتعلق بالعقيدة، وكذلك ابن أبي شيبة له كتاب يتعلق بالإيمان رسالة، وابن خزيمة له كتاب التوحيد، ويتعلق بالأسماء وبالصفات وبالعقيدة، والآجري له كتاب الشريعة، ويتعلق بالعقيدة، واللالكائي له اعتقاد أهل السنة، واختصره بعض المتأخرين وسماه: كاشف الغمة في اعتقاد أهل السنة، وابن بطة له كتاب الإبانة في السنة أيضا، والأشعري له كتاب الإبانة فيما يتعلق بالسنة.
لا شك أن هؤلاء اعتنوا بالسنة، واهتموا ببيانها، وما ذاك إلا أنهم أدركوا كثرة الانحرافات وكثرة المبتدعة؛ فخافوا أن تتمكن هذه البدع، فعملوا على تدوين السنة في هذه المؤلفات وفي غيرها؛ فحفظ الله تعالى هذه الكتب فطبعت والحمد لله، وانتشرت، وحصل بها الرد على المبتدعة.