إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
52816 مشاهدة
وسطية أهل السنة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

...............................................................................


أما توسطهم؛ توسط أهل السنة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فورد في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعلي تهلك فيك طائفتان وقع ذلك؛ وقع أن طائفة كذبوه وكفروه، ويتقربون بسبه، ولهم بقايا الآن في عمان الإباضية، وكذلك فرق كثيرة في إفريقيا على طريقة الخوارج؛ الخوارج هم الذين يكفرونه، وقتله أحدهم وهو ابن ملجم ومدحه بعضهم، الشاعر الذي مدح ابن ملجم ويقال له عمران بن حطان يمدحه بقوله:
يا ضربـة من تقي ما أراد بهــا
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنـي لأذكـره يوما فأحسبه
أوفى الـبرية عند الله ميزانا
يمدح بذلك ابن ملجم الذي قتل عليا ورد عليه بعضهم بقوله:
يـا ضربة من شقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش كفرانا
إني لأذكره يومـا فألعنـه
جهـرا وألعن عمـران بن حطانـا
يعني هذا الشاعر.
فالحاصل أن هؤلاء كفروه وقاتلوه، وخرجوا عليه، وخرجوا عن طاعته، وهو أيضا قاتلهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال: أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم وقال: لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم هؤلاء كفروا عليا وكذلك أيضا كفروا من معه من ذريته، ويسمون النواصب.
الطائفة الثانية: هم الذين غلوا فيه ويسمون الروافض؛ هم الذين يسمون أنفسهم شيعة علي هؤلاء غلوا فيه وادعوا فيه الألوهية؛ كان أولهم يقال له: عبد الله بن سبأ هو الذي دعاهم إلى أن يدعوا الإلهية في علي أنه هو إلههم، وقال: إذا خرج فاسجدوا له. فلما خرج عليهم سجدوا؛ فأنكر فعلهم فقالوا: أنت الله أنت الإله أنت الرب، ثم إنه دعاهم إلى التوبة فامتنعوا، وأصروا على قولهم، فحفر لهم أخاديد، ومن لم يتب منهم قذفه في النار أحرقهم، وهو يقول:
لما رأيت الأمر أمـرا منكرا
أججت ناري ودعوت قنبرا
يعني خادمه فهؤلاء هم الغلاة، ولا يزال بقاياهم إلى الآن؛ فمنهم من ادعى أنه هو الإله حتى يقول شاعرهم:
أشـهد أن لا إلــــه إلا
حيدرة الأنـزع البطـين
حيدرة يعني علي
أشهد أن لا إلــه إلا
حيدرة الأنـزع البطين