اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
52803 مشاهدة
أفضلية الأمة المحمدية

...............................................................................


كذلك أيضا جعل الله أتباعه خير أمة أخرجت للناس؛ الذين يتبعونه ويسيرون على نهجه لهم هذه الميزة؛ قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ .
ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية أحاديث كثيرة تدل على فضل هذه الأمة، وأنها أفضل الأمم؛ مثل الأحاديث التي فيها كثرة من يدخل الجنة، وأن هذه الأمة ثلثا أهل الجنة، ومثل الحديث الذي فيه أنه قال: رأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد إلى قوله: فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
فهذا ومثله من أدلة فضل هذه الأمة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ولكن ذكر الله سبب الفضل: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ؛ ولذلك روي أن عمر رضي الله عنه قال: من أراد أن يكون من خير هذه الأمة؛ فليؤد شرط الله؛ شرط الله في هذه الآية الخيرية ثلاثة أشياء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله.
كذلك أيضا نعرف أن هذه الأمة أتم الله لها، أو أتم عليها النعمة، واختار لها الإسلام، وأكمل لها الدين. أنزل الله في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ذكروا أن اليهود قالوا لعمر يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فقال: إنها نزلت في عيد للمسلمين وهو يوم عرفة بعرفة .
فالحاصل أن هذه الآية دليل أيضا على فضل هذه الأمة. أكمل الله الدين، ومعناه أنه لا يحتاج إلى إضافات ولا إلى زيادات، وأتم عليهم النعمة بإرسال الرسل وبإنزال هذا الكتاب وبتفضيلهم على غيرهم، وكذلك أيضا بما حباهم به من الخير والفضل أتم عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام دينا. هذا الدين الذي هم عليه وهو دين الإسلام؛ هو خير وخاتمة الأديان، فما عليهم إلا أن يتمسكوا به حتى يكونوا من خير أمة أخرجت للناس.