إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
83510 مشاهدة
مصر

...............................................................................


ذكر لنا بعض المشائخ: أن البدوي الذي يعبد في مصر ما عرف عنه عمل صالح؛ إلا أنه دخل مرة والناس في المسجد الجامع يصلون فبال في المسجد، ثم خرج ولم يصل، هذه من الحكايات عنه، وتبعوه وقالوا: هذا مجذوب، هذا قلبه عند ربه، هذا قد وصل، الشأن في وفيك. لما سئل بعضهم: هذا المجنون لماذا لا يصلي؟! فقالوا: هذا قد وصل، الشأن فينا، نحن الذين ما وصلنا، هذا قد قطع المراحل ووصل إلى ربه، قلبه عند ربه، سقطت عنه التكاليف، فأبيح له أن يفعل ما يشاء، وأن يعمل الذي يريده، ويأخذ الذي يشتهيه. فينقلون عنه أفعالا شنيعة. ويذكرون -أيضا- عن أولئك الذين يسمونهم مجاذيب -يعني- مجذوبين، أنهم يفعلون ما يشاءون؛ لو دخل أحدهم بيت إنسان وأخذ من ماله أو من متاعه ما رده، هذه حالتهم، ثم بعد موتهم يتخذونهم معبودين، وأنهم -أيضا- في حياتهم يرون أنهم من المقربين. في قصيدة الصنعاني البائية يقول فيها:
كقوم عراة في ذرا مصر ما تُرَى
على عورة منهم هناك ثيــاب
يعدونهم في مصرهم من خيارهم
دعاؤهمُ فيما يـرون مجــاب
هذه حالتهم في زمان الصنعاني من قبل نحو ثلاثمائة سنة -يعني- في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفي عهد الصنعاني صاحب سبل السلام، كقوم عراة في ذرا مصر في أطراف مصر ما ترى على عورة منهم هناك ثياب يمشون عراة، والناس يتمسحون بهم، ما ترى على عورة منهم هناك ثياب، يعدونهم في مصرهم من خيارهم، دعاؤهمُ فيما يرون مجاب بعد موتهم-بلا شك- أنهم سيغلون فيهم، وأنهم سيتبركون بهم ويعبدونهم. وهكذا أيضا يفعل كل طائفة مع من يعتقدون فيه.