إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
83455 مشاهدة
الفهم الصحيح لكلمة التوحيد ووجوب العمل به

<مسألة نوع=أصولية> ...............................................................................


يقول المؤلف: وليس المراد قولها باللسان؛ مع الجهل بمعناها.
يعني: أن الذين في زمان المؤلف يقولونها بألسنتهم؛ ولكنهم لا يدرون ما معناها؛ فلأجل ذلك وقعوا في الشرك، وهم يعتقدون أنهم مؤمنون، فعبدوا آلهة كثيرة؛ وإن لم يُسَمُّوا فعلهم عبادة؛ وإن لم يُسَمُّوا تلك المعبودات آلهة؛ وذلك نتيجة الجهل بمعناها؛ فلأجل ذلك كان لا بد أن يتعلم الإنسان معنى هذه الكلمة. ثم -أيضا- لا يكفي أن يقولها الإنسان وهو يعلم معناها؛ ولكن لا يعمل بمقتضاها! مَنْ قالها فلا بد أن يعمل بمقتضاها.
مقتضاها: هو إخلاص العبادة لله، وترك عبادة ما سواه. فمن قالها بلسانه؛ ومع ذلك عبد غير الله، ذبح للمخلوقات، للقبور والأتربة ونحوها، ودعاهم مع الله، واستنصر بهم، وصرف لهم حق الله -تعالى-؛ فإنه يعتبر قد نقض مدلولها.
ذكر المؤلف: أن المنافقين يقولونها، وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار؛ مع كونهم يُصَلُّون، ويتصدقون، ويغزون مع المؤمنين؛ ولكنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فهم يقولونها بألسنتهم؛ ولكن لا يُصَدِّقون بمعناها، ولا يعملون بمقتضاها؛ بل يُقِرُّون الشرك، وينصرون المشركين، ويعتقدون أن المشركين على حق، وأن الصحابة على باطل، الذين يقولون: لا إله إلا الله، والذين يُوَحِّدُون الله، حكى الله عنهم قولهم: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فَكَذَّبَهُمُ الله، وفي آية أخرى قال تعالى: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ يقولون كلاما بألسنتهم؛ ولكن قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ؛ فلأجل ذلك كانوا تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، ولم ينفعهم قولهم بلسانهم، قول: لا إله إلا الله. وما نفعتهم صلاتهم، وصدقاتهم.
فعلى هذا.. المراد: قول كلمة لا إله إلا الله؛ مع معرفتها بالقلب، ومحبتها، ومحبة أهلها، وبُغْض من خالفها، ومعاداته. هذا لا بد منه في قول: لا إله إلا الله، فمن قالها فلا بد أن يعرف معناها -يعرفه بقلبه-. وكذلك أيضا -كما فسرها المؤلف- يُحِبُّ هذه الكلمة، ويتقرب إلى الله بها، ويحب أهلها وهم الموحدون، يحبهم من كل قلبه، ويبغض من خالفها؛ ولو قالها بلسانه ولم يعمل بها، يُبْغَضُ الكفار الذين يقولونها بألسنتهم؛ ولكنهم لا يطبقونها؛ وهم المنافقون، أو المشركون الذين يجهلون معناها.
استدل المؤلف على ذلك بهذا الحديث: من قال لا إله إلا الله مخلصا وفي رواية: خالصا من قلبه وفي رواية: صادقا من قلبه أي: أن هذه من شروط لا إله إلا الله.
من شروطها: الإخلاص، والصدق.
فالذي يقولها وهو كاذب لا تنفعه، والذي يقولها وهو مشرك لا تنفعه؛ بل لا بد أنه يقولها من قلبه، ويطبق معناها ومدلولها؛ حتى يكون بذلك مُخْلِصًا، ومُوَحِّدًا، وصادقا في إيمانه.
فلا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، وتقتضي تصديق القلب بما دلت عليه، وتقتضي صرف جميع أنواع العبادة لله -تعالى- وحده. من كان كذلك فإنه يعتبر قد صدق في قوله، وصدق في إيمانه؛ وإلا فعليه أن يُجَدِّدَ الإيمان.