اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
83460 مشاهدة
دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب للقبوريين

...............................................................................


ذكروا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- لما كان أول أمره في بلد الدرعية كان هناك قبر يقولون: إنه قبر زيد بن الخطاب وهو أخو عمر بن الخطاب قتل شهيدا في واقعة اليمامة بين خالد بن الوليد ومن معه و مسيلمة فكانوا أهل العيينة يأتون إليه وينادونه: يا زيد أعطنا، يا زيد اشفع لنا، يحضر معهم الشيخ، ويقول لهم: الله خير من زيد الله أقرب من زيد الله أقوى من زيد لا يستطيعون أن يقولوا: كذبت، يعرفون أنه حق، أن الله أملك لكل شيء، فلم يزل يقنعهم؛ حتى تابوا، وأقلعوا، وأمرهم أن يهدموا البناية التي على ذلك القبر، وأن يسووه بسائر القبور، وكانوا قد رفعوه، وبنوا عليه قبة، وكانوا -أيضا- قد جصصوه وما حوله، فعند ذلك.. كان هو الذي ابتدأ بهدم ذلك البناء.
كان عندهم –أيضا- شجرة في العيينة يعتقدون فيها، فكانوا يعتمدون عليها، ويلوذون بها، ويدعونها، ويتبركون بتربتها، وبأوراقها؛ فلما نبههم، قال: اقطعوها. فأحجموا عن قطعها، وخافوا، وظنوا أن من قطعها يصاب بالخبال، فاستأذنهم أن يقطعها، فأخذ الفأس، وأخذ يضرب في أصلها، ولما رأوا أنه استمر ولم يصب بشيء جاء إليه من يساعده؛ حتى قطعوها. ظن العامة أنه يصاب بجنون، ويصاب بخبال، وانتظروا.. قالوا: لا يصبح إلا وهو حمار أو حيوان أو حشرة. أصبح وهو بأصح حال، وأنعم بال، وجاء إلى مكانها ومسحه. لا شك أن هذا من آثار الجهل.
أيضا لما انتقل إلى الدرعية كان في الدرعية -أيضا- معابد، فكان عندهم نخلة التي يقال لها: الفحل أو الفحّال، هذه النخلة يعتقدون فيها، إذا تأيمت المرأة -ما تقدم أحد للزواج بها- تأتي إلى ذلك الفحل فتضمه، وتقول: يا فحل الفحول.. أريد زوجا قبل الحول. في خيالهم أن هذه النخلة تسبب لها الزواج، جهلتهم إذا سمعوا بها تقدم بعضهم لخطبتها وخطبوها وقالوا: نصرك ذلك الفحل. أمر الشيخ بقطعها وزال أثرها.
كان في الدرعية -أيضا- غار، ذلك الغار يدعون أن إحدى بنات الأمير اعتصمت به، لما جاءها أحد الفسقة، وحاول أن يفجر بها، فلاذت بذلك الغار، واختفت فيه، ونجت من ذلك الفاسق، يعتقدون في ذلك الغار، ويأتون إليه، يتمسحون به، ويصبون عليه الأدهان والزيوت، ويتبركون به؛ وهذا دليل على أن الشرك عاد كما كان، لما اهتدوا.. أمرهم الشيخ أن يهدموا ذلك البناء، فتعاونوا عليه، وهدموه، وكذلك أيضا كسروا ذلك الغار، وزالت آثار تلك الشركيات.