من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148321 مشاهدة
الذكر والدعاء في المناسك

والمشروع: إن يكثر الإنسان في طوافه وسعيه وجميع مناسكه من ذكر الله ودعائه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله .


الذكر والدعاء في المناسك
قوله: (والمشروع في الطواف والسعي وجميع المناسك أن يكثر الإنسان من ذكر الله ودعائه... إلخ):
لأن الله تعالى حث على الإكثار من ذكره، فقال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203] وقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198] وقال: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 200] وقال: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28] .
فذكر الله تعالى هو كل ما يذكر به، فيدخل به التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والحوقلة والاستغفار والدعاء وما أشبه ذلك، فيسن أن يأتي بهذا الذكر كاملا، ويرفع يديه في الأماكن التي يدعو فيها، فإذا كان يدعو في الطواف أو السعي رفع يديه؛ لأن ذلك مظنة إجابة الدعاء.
وكذلك يسن أن يدعو بعد رمي الجمرة الأولى وبعد رمي الجمرة الوسطى، فيرفع يديه ويدعو ويطيل الدعاء بقدر طاعته، كما نقل ذلك من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن اشتغل بالقراءة كما تقدم أجزأه ذلك.
ثم استدل المؤلف بهذا الحديث، وقد روي مرفوعا وروي موقوفا على عائشة رضي الله عنها: إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله أي: إن الطواف في البيت ليس عبادة للبيت، ولكنه ذكر -صلى الله عليه وسلم- وتذكير بالله، أي: شرع لأجل أن يذكر الله، وكذلك الصفا والمروة فهما تذكير بالله، وكذلك رمي الجمار لإقامة ذكر الله، ولهذا يكبر مع كل حصاة؛ ويدعو الله بعد انتهائه من الجمرتين الأوليين، وكل ذلك من ذكر الله تعالى.