قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148145 مشاهدة
الطهارة بالماء

[باب: المياه] .
والطهارة نوعان:
أحدهما: الطهارة بالماء ، وهي الأصل .
فكل ماء نزل من السماء، أو نبع من الأرض: فهو طهور، يطهر من الأحداث والأخباث، ولو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الماء طهور لا ينجسه شيء رواه أهل السنن، وهو صحيح .



[باب: المياه]
قوله: (والطهارة نوعان: أحدهما: الطهارة بالماء، وهي الأصل... إلخ):
الطهارة نوعان :
أحدهما: الطهارة بالماء وهي الأصل.
والثاني: الطهارة بالتراب الذي هو التيمم، وهو بدل عن الوضوء (وسيأتي الحديث عنه مفصلا في موضعه إن شاء الله).
ولكن الأصل هو الطهور بالماء، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان: 48] فهذا الماء الذي ينزل من السماء، ويستقر في الأرض، تحفظه الأرض في جوفها، ثم يستخرج منها، هو الطهور.
وقال تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال: 11] واستدل من هذا أن الطهارة بالماء هي الأصل.
والمؤلف رحمه الله يرى أن المياه قسمان : طهور ونجس، وليست ثلاثة، والحد الفاصل بينهما هو التغير بالنجاسة، فإذا كان الماء لم يتغير بنجاسة فإنه طهور، وإذا تغير بنجاسة فإنه نجس، وليس بينهما واسطة.
قوله: (فكل ماء نزل من السماء، أو خرج من الأرض ... إلخ):
فالماء الذي نزل من السماء أو خرج من الأرض بالدلاء أو بالمضخات فهو طهور يطهر من الأحداث والأخباث.
والأحداث: هي الأمور المعنوية التي ترفع بالغسل وبالوضوء.
والأخباث: هي النجاسات العينية كالأبوال ونحوها.
قوله: (ولو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر... إلخ):
إذا تغير الماء بشيء طاهر فإنه يبقى على طهوريته، ولو كان قليلا، واشترطوا أن يبقى له مسمى الماء، أما إذا تغير اسمه، بأن سلب اسم الماء ولو بإضافة شيء إليه؛ فإنه لا يسمى طهورا، بل يتحول اسمه إلى ما أضيف إليه، فيسمى مثلا قهوة أو شايا أو حبرا وهكذا، كل هذا لا يتطهر به، لأنه سلب اسم الماء، وكذلك إذا غلب عليه، بأن سمي مثلا ماء الزعفران، أو ماء الورس أو ماء البنفسج أو ماء الورد، فهذه لا يطلق عليها اسم الماء المطلق، أما إذا كانت الإضافة لا تسلبه اسم الماء المطلق، مثل: ماء الآبار، وماء البحار، وماء الأنهار، وماء الأودية ، فهذا ماء طهور.

فالمؤلف رحمه الله يقول: لو تغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر؛ كأن سقطت فيه أوراق، أو غمست فيه الأيدي، ولم يتغير، أو غسل فيه شيء طاهر، ولم يتغير بنجاسة، فهو باق على طهوريته، واستدل بهذا الحديث، وهو حديث بئر بضاعة: إن الماء طهور لا ينجسه شيء وحكم بأنه صحيح، وذكروا في الحديث أن بئر بضاعة كان يرمى فيها الجيف والنتن وخرق الحيض والكلاب، ومع ذلك قال -صلى الله عليه وسلم- إن الماء طهور لا ينجسه شيء وذلك؛ لأنها تستخلف لأنها تنزح بالدلاء ثم يأتي بدل الماء ماء.