الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148341 مشاهدة
صيام ست من شوال

وقال: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر).
رواه مسلم .


رابعا: صيام ست من شوال
قوله: وقال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال... إلخ .
وقد ورد في صيام هذه الستة أحاديث أصحها حديث أبي أيوب الذي رواه مسلم: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر وشوال هو
الشهر الذي بعد رمضان، وصيام هذه الست سنة؛ لورود الأحاديث الكثيرة في فضل صيامها، والتعليل بأن صيامها مع صيام رمضان كأنه صيام الدهر كله، بمعنى أن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها، فإذا صام رمضان كان عن عشرة أشهر، وستة أيام عن ستين يوما، فهذه اثنا عشر شهرا، فيصبح كأنه صام الدهر.
ولا يشترط في هذه الأيام أن تتوالى بل يصح أن تكون متفرقة، وأن تكون من أول الشهر أو من وسطه أو من آخره، فالجميع لا بأس به، حيث أطلق أنها من شهر شوال، ولكن يفضل المبادرة والمسابقة والمسارعة وأن تكون من أول الشهر، وحتى يحتاط الإنسان لأنه لا يدري ما يعرض له.
وإذا لم يتمكن من صيامها من شوال فله أن يصومها من شهر ذي القعدة، مثاله: لو أن امرأة نفست في رمضان ولم تطهر إلا في عشر من شوال، فصامت عشرين يوما من شوال عن رمضان، وصامت عشرة أيام من ذي القعدة من تكملة رمضان، فهذه المرأة تتدارك وتصوم الست من ذي القعدة.
وما ذاك إلا أن القصد صيام شهر وستة أيام، وليس كل أحد يستطيع أن يصوم رمضان دائما، فقد يمرض الإنسان ويفطر في رمضان ثم يصوم شوالا، وقد يسافر فيفطر في رمضان ويصوم عوضا عن ذلك شوالا، فعلى هذا يصومها من ذي القعدة أو مما بعده حتى تحفظ له هذه الأيام.
مسألة:
إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان، فهل الأفضل صيام الست من شوال أولا ثم القضاء؛ أو العكس؟
الجواب: ذكرنا الحديث: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر وفي هذا دليل على أنه لا بد من إكمال صيام رمضان الذي هو الفرض. ثم يضيف إليه لست أيام من شوال نفلا لتكون كصيام الدهر.
وعلى هذا فمن صام بعض رمضان وأفطر بعضه لمرض أو سفر أو حيض أو نفاس، فعليه إتمام ما أفطر بقضائه من شوال أو غيره هقدما على كل نفل من صيام الست أو غيرها، فإذا أكمل قضاء ما أفطر شرع له صيام الست من شوال ليحصل له الأجر المذكور.