القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148299 مشاهدة
صلاة المريض

[باب: صلاة أهل الأعذار]
والمريض يعفى عنه حضور الجماعة
وإذا كان القيام يزيد في مرضه: صلى جالسا، فإن لم يطق: فعلى جنبه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب رواه البخاري .
وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله: الجمع بين الظهر والعصر، وبين العشاءين، في وقت إحداهما.


[باب: صلاة أهل الأعذار]
هذا الباب فيه بيان صلاة أهل الأعذار، وهم المسافر والمريض والخائف، فالمسافر عذره مشفة السفر، والمريض عذره مشقة المرض، والخائف عذره مشقة الخوف المزعج الذي يحمله على أن لا يقر ولا يطمئن في صلاته، فهؤلاء هم أهل الأعذار.
أولا: المريض:
قوله: (والمريض يعفى عنه حضور الجماعة... إلخ):
العادة أن الفقهاء يبدءون بالمسافر؛ لأن أحكام السفر كثيرة، ولكن المؤلف بدأ بالمريض؛ لأن السفر في هذه الأزمنة خفت المؤونة فيه، والمرض اشتدت المؤونة فيه كثيرا؛ فلذلك بدأ به.
فأولا: تسقط الجماعة عن المريض، وقد تقدم أن الجماعة فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضرا وسفرا، وهنا استثنى المريض، وعذره المشقة، فإنه يصعب عليه أن يقوم، لكن إذا كان مستطيعا فهو أفضل له، فعن ابن مسعود قال: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، وإنه ليؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف فدل على أنهم يتجشمون المشقة مع المرض، ويؤتى بأحدهم يعضد له رجلان حتى يصف مع الجماعة حرصا على فضل الجماعة، ولكن لا تكلف نفس إلا وسعها.
ثانيا: يسقط عنه القيام إذا كان يشق عليه أو يزيد في مرضه، فيصلي جالسا، وقد يسقط عنه الجلوس إذا كان لا يستطيع، فيصلي على جنبه أو يصلي مستلقيا؛ وذلك لأن الصلاة شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، ولا يكون فيها ما يضر بالمصلي ولا ما ينفر عن الصلاة؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أتريد أن تكون فتانا وقال: إن منكم منفرين .
فإلزام المريض بأن يقوم وهو عاجز فيه تكليف؛ لذلك سقط عنه القيام إذا عجز عنه.
ثم أورد المؤلف حديث عمران، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران لما اشتكى من مرض البواسير: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا -وفي رواية: فجالسا، فإن لم تستطع فعلى جنبك وهو حكم عام لكل مريض بأي نوع من أنواع المرض.
فالمريض يذهب أولا إلى المسجد إذا كان يطيق، فإذا لم يطق وأطاق الصلاة في بيته قائما صلى قائما في البيت، فإذا لم يطق القيام صلى جالسا، وإذا لم يطق صلى على جنبه.
وكيفية جلوسه أن يصلي متربعا، فإن صلى مفترشا فلا بأس، أي في حالة القيام والقراءة يكون متربعا، وإذا أراد الركوع أو السجود فإنه يفترش.
ثالثا: يجوز للمريض أن يجمع الصلاتين، فقد يشق عليه الوضوء لكل صلاة.
ويشتكي كثير من المرضى الذين ينامون في المستشفيات أو المرافقون لهم أنه يشق عليه أن يذهب إلى مكان الوضوء كل وقت، فهل يجوز له أن يتوضأ مرة ويصلي الصلاتين في وقت إحداهما؟
* نقول: إذا كان الوضوء لكل صلاة يشق عليه فإنه يصح أن يتيمم، وإذا كان الذهاب للطهارة في كل وقت يشق عليه، أو الجلوس يشق عليه جمع الصلاتين فيجمع الظهرين في وقت إحداهما، والعشاءين في وقت إحداهما.
وأيهما أفضل للمريض: جمع التقديم أو التأخير؟
يختار شيخ الإسلام أن يفعل الأرفق به، فإذا كان الأرفق به التقديم قدم العصر وصلاها بعد الظهر في وقت الظهر، وقدم العشاء وصلاها في وقت المغرب بعد صلاة المغرب، وإذا كان الأرفق به التأخير أخر الظهر إلى العصر والمغرب إلى العشاء.