لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
93454 مشاهدة print word pdf
line-top
رد قول الأخطل النصراني في العقيدة

...............................................................................


يقولون: إن هذا الأخطل يقول: إن الكلام لفي الفؤاد؛ يعني أن الذي يكون في الفؤاد هو الكلام، وأما اللسان فإنه لا يسمى كلاما يعني النطق بالحروف لا تسمى كلاما؛ لأن هذا شاعر عربي. يأتيهم حديث مروي في الصحيحين بأسانيد ثابتة ويردونه ويقولون: هذا خبر آحاد لا نقبله في العقيدة.
فنقول: عجبا لكم تقبلون قول شعر الأخطل الذي روي بغير إسناد، وتردون الأحاديث الصحيحة التي رويت بالأسانيد الثابتة المتصلة التي ليس بها ضعف ولا انقطاع. تقدمون كلام الأخطل مع أنه ما روي بإسناد. هاتوا لنا إسناد هذا البيت. من الذي رواه بالإسناد؟ ما يجدون له إسنادا، ثم يقال: إنه بُحث عنه في ديوان الأخطل ولم يوجد؛ ما وُجد في ديوانه، ثم يُقال أيضا: إنه رواه كثير منهم: إن البيان لفي الفؤاد، وليس الكلام؛ وذلك لأن النطق باللسان هو الكلام. وأما الذي يكون في القلب فإنما هو القدرة على البيان، ثم نقول لهم أيضا: إن هذا الشاعر على تقدير أنه قاله فإنه نصراني ولا يقبل كلام النصارى في العقيدة؛ وذلك لأن النصارى قد ضلوا في مسمى الكلام فإن عيسى عندهم هو نفس الكلمة يدعون أنه نفس الكلمة. يعني أن قوله: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أن عيسى كلمة الله أنه نفس الكلمة.
ومعلوم أن عيسى مخلوق، فيكون على عقيدة النصارى أن كلام الله مخلوق. أفتأخذون عقيدة النصارى وتحكمون بها علينا معشر المسلمين وتقولون: هذا شاعر عربي. بئسما اخترتم.
ودليلهم في ذاك بيــت قاله
فيما يقال الأخطل النصراني
لا شك أن الذين
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم
نبذ المسافر فضلــة الآكال

وأنهم استدلوا بكلام هذا النصراني؛ أنهم في غاية الضلال فلا يلتفت إلى استدلالهم.
استدلوا به كما ذكرنا على شيئين: على الاستواء:
قد استوى بِشْرٌ على العراق
.........................

ولا دلالة في ذلك، والصحيح أيضا أنه محرف أو أنه مُتقول، واستدلوا به على أن الكلام مخلوق -وأنهم يعني الأشاعرة- وأن الكلام ما يقوم بالقلب لا أنه ما يقوم باللسان فجعلوا الأخطل هو قدوتهم، وتركوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وتركوا الآيات القرآنية، وتركوا الأحاديث النبوية، وتركوا أشعار العرب الفصحاء، وتركوا أيضا كلام أهل اللغة. كل ذلك قدموا عليه كلام هذا النصراني.

line-bottom