جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
52986 مشاهدة
مؤلفات ابن تيمية في العقيدة وغيرها

...............................................................................


وأما أمر العقيدة فقد أكثر من الكتابة فيها، ويدل على ذلك مؤلفاته التي طبعت وانتشر كثير منها، مجموع الفتاوى، الذي هو خمسة وثلاثون مجلدا؛ الستة الأولى كلها في الأسماء والصفات وفي التوحيد، والسابع في الإيمان، والثامن في القضاء والقدر، والتاسع في المنطق، والعاشر والحادي عشر في السلوك، وفي التصوف، والثاني عشر في أن القرآن كلام الله، والثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر في التفسير، والسابع عشر في الحديث ثم بعد ذلك ابتدأ في أصول الفقه، ثم في الفقه مما يدل على أنه اعتنى بالعقيدة، وله أيضا كتب مفردة في العقيدة منها كتاب العقل والنقل ذكره ابن القيم بقوله في النونية:
واقرأ كتـاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود لـه نظـير ثان
وقد طُبع محققا في نحو عشرة مجلدات، ومنها كتاب المنهاج في الرد على ابن المطهر الرافضي طبع أيضا محققا في عشرة مجلدات، وأكثره في أمر العقيدة المجلدات الأوَل في أمر العقيدة، ثم في مناقشة ابن المطهر مما يدل على أنه -رحمه الله- أولى أمر العقيدة اهتماما كبيرا، ولكنه أراد بهذه المنظومة أن يلخص ما يدور حول العقيدة بهذه الأبيات فهو يقول:
.................................
رُزِق الهـدى مـن للهداية يسأل
اسمع كـلام محقـق فـي قـوله
لا ينثني عنه ولا يـتـبـدل
يعني أنني أقول هذا القول عن تحقيق، وليس عن ظن، ولا عن تخرص، ولكني جازم بصحة ما أقول، وجازم بذلك عن قلب لا أنثني عن هذه العقيدة، ولا أتبدل، ولا أبغي غيرها. لماذا؟ لأن العقيدة هي ما يعقد عليه القلب، وأكثرها من الأمور الغيبية التي فرضها الله تعالى، وأخبر بأدلتها، فإن الأصل أن العقيدة هي الإيمان بالغيبيات، وبما غاب عنا، كل شيء غاب عنا وأخبرنا به ربنا، أو أخبرنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- فإن إيماننا به جزم ويقين نسميه عقيدة، ومن ذلك الإيمان بكلام الله تعالى، وأنه يتكلم به حقا إلى آخر ذلك:
اسمع كـلام محقـق فـي قـوله
لا ينثني عنه ولا يـتـبـدل