لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
8223 مشاهدة
المفهوم الصحيح لمصطلح أهل السنة والجماعة وبيان صفاتهم

- الله يجزيكم بالخير. طيب فضيلة الشيخ سؤال آخر يتعلق بمصطلح أهل السنة والجماعة، فمن المعروف أن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية، ولكن هذا المفهوم قد تنازع شرحه فريقان: فريق يوسعه بحيث يدخل فيه حتى بعض المبتدعة وأهل الضلال والزيغ، وفريق آخر في المقابل يضيقه حتى يخرج منه كثيرا من العاملين المخلصين للإسلام أفرادا أو جماعات، فما هو المفهوم الشرعي الصحيح لهذا المصطلح؟ ومن هم أهل السنة والجماعة الذين يشملهم هذا اللقب الكريم؟
نقول: إن أهل السنة والجماعة هم العاملون بسنة النبي -صلى الله علية وسلم- وقد بينهم إجمالا بقوله: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ويعرفون بأنهم أهل الحديث، ولما ذكر للإمام أحمد الفرقة الناجية، قال: إن لم يكونوا أهل الحديث؛ فلا أعرفهم.
الفرقة الناجية الذين زكاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله فهم أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- والمتمسكون بسنته، وقد بينهم العلماء في مؤلفاتهم؛ فنرجع إلى كتب أهل الحديث، ونرجع إلى كتب السلف الذين تكلموا على العقيدة، ونأخذ منها صفة أهل السنة؛ فعندنا كتاب السنة للإمام أحمد يتعلق بالعقيدة، وكتاب السنة لابنه عبد الله يتعلق أيضا بالعقيدة، وكتاب السنة لتلميذه الخلال وكلها موجودة، وكذلك كتاب السنة لابن أبي عاصم فهو من المحدثين، وكذلك المؤلفات الكثيرة التي تتعلق بالعقيدة مثل: كتاب الشريعة للآجري وشرح أصول أهل السنة للّالكائي وشرح السنة رسالة مختصرة للبربهاري
وكذلك كتب الحديث، كتاب التوحيد في آخر صحيح البخاري وكتاب السنة في سنن أبي داود ومقدمة الدارمي في سننه، ومقدمة ابن ماجه في سننه، وأشباهها، فما احتوت عليه هذه الكتب فإنه يعتبر مذهب أهل السنة فيما يتعلق بالعقيدة.
ولا شك أنه يخرج المبتدعة؛ فالمبتدعة الذين أنكروا الأسماء والصفات ليسوا من أهل السنة والذين أنكروا قدرة الله العامة ليسوا من أهل السنة، والذين قالوا بالجبر وأن العباد ليس لهم اختيار بل هم مجبورون ليسوا من أهل السنة، والذين طعنوا في الصحابة أو طعنوا في القرآن أو طعنوا في الأحاديث الصحيحة -التي في الصحيحين- ليسوا من أهل السنة، وكذلك بقية المبتدعة كالذين غلوا في الصالحين وعبدوهم من دون الله كما في العقيدة الصوفية وما أشبهها، وكذلك القبوريون الذين يبيحون عبادة القبور، والذين يعملون أعمالا شركية تنافي حقيقة التوحيد ليسوا من أهل السنة.
ولا شك أن هناك منهم من أهل السنة، ولو كان معهم شيء من البدع العملية لا نخرجهم من أهل السنة؛ فالأشعرية الأشعري -رحمه الله- كان في أول أمره معتزليا، ثم في وسط عمره كان على مذهب ابن كلاب ثم في آخر عمره كان من أهل السنة على معتقد الإمام أحمد فعقيدته التي ذكرها عن أهل السنة التي ضمنها كتابه المقالات مقالات الإسلاميين هذه عقيدة أهل السنة، من كان داخلا فيها فإنه من أهل السنة، وكذلك في كتابه الذي سماه الإبانة يتضمن أيضا عقيدة أهل السنة.
وأما الذين تمذهبوا بمذهبه وهم ليسوا على معتقده فإنهم ليسوا من أهل السنة حقا، ككثير من الأشاعرة الذين يدعون أنهم على مذهبه، وليسوا على مذهبه الحقيقي، ولكن مع ذلك لا نقول: إنهم من المبتدعة الخارجين عن السنة كليا، فهم أقرب إلى أهل السنة.
كذلك البدع الفعلية العملية لا نخرج أهلها من أهل السنة ولكن نقول: بدعهم هذه لا دليل عليها؛ بدعة الموالد، وبدعة إحياء ليلة النصف من شعبان أو ليلة المعراج أو صلاة الرغائب أو ما أشبهها بدع فعلية، ولا نخرج أهلها من أهل السنة إذا كانوا في السنة على هذا المعتقد.
فالحاصل أن مذهب أهل السنة يؤخذ من مؤلفات السلف الصالح كالكتب التي كتبوها في القرن الثالث ونحوه. نعم.