إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
الافتراق والاختلاف
7028 مشاهدة
منشأ الخلافات التي حصلت بين المسلمين

موضوع هذه الكلمة: في مسائل اخْتُلِفَ فيها في الخلاف الذي حصل في بعض المسائل التي تتعلق بالصيام، أو تتعلق بالحالة الحاضرة.
وأذكر بين يَدَيْ ذلك كلمةً عن منشأ الخلافات التي حصلت بين المسلمين، ثم أضرب أمثلة للمسائل التي اخْتُلِفَ فيها، وأذكر ما هو الراجح، وأذكر ما يجب عليه المسلم عندما يسمع الأدلة ونحوها.
وقع الخلاف في المسائل الفروعية بين الصحابة، ولم يَقَعْ بينهم خلاف في العقائد. الخلاف الذي في العقائد إنما كان في غيرهم؛ وذلك لأن هناك مبتدعة خرجوا –وليس فيهم والحمد لله من الصحابة- خرجوا على الصحابة وسُمُّوا خوارج، وكذلك مبتدعة سموا قدرية، وسموا معطلة، وسموا معتزلة، وسموا جَهْمِيَّة، وسموا مُعَطِّلة، وما أشبه ذلك من المسميات التي لا أساس لها؛ وإنما هي بِدَعٌ محدثة في العقيدة؛ فمثل هذه لا عِبْرَةَ بخلافاتهم؛ وذلك لأنهم خالفوا الأدلة، وحَكَّمُوا عقولهم في السنة، وفي كتاب الله تعالى، فلا نتعرض لخلافاتهم؛ حيث إنهم بعيدون من الصواب؛ وإنما نذكر بَعْضَ المسائل التي في الخلافات الفروعية؛ الخلافات في الأحكام، يعني: في العبادات وفي الطهارة، وفي الصلاة وفي الصوم، وما أشبه ذلك.
هذه الخلافات منشؤها أن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يكونوا كلهم قد استغرقوا السنة، ولا قد حفظوا الأدلة كُلَّهَا؛ فكثير منهم ما حفظوا جميع آيات القرآن، وكثير منهم ما حفظوا نصوص السنة التي تَكَلَّمَ بها النبي -عليه الصلاة والسلام- ودَلَّلَ عليها؛ فلأجل ذلك وُجِدَ بينهم خلاف في مسائل اجتهادية، بعضها ما سمعوا الدليل فيه، وبعضها لم يكن عليه نَصٌّ صريح من النبي -صلى الله عليه وسلم- بل تركه مَحَلًّا للاجتهاد، فكان في ذلك الخلافات التي وقعت بين الصحابة -رضي الله عنهم-.
ولا شك أن فيها توسعةً على الأمة، كما رُوِيَ أن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- قال: ما أحب أن الصحابة لم يختلفوا في الأحكام؛ وذلك لأنهم لو اتفقوا فخالفهم شخص لَعُدَّ مبتدعا، ولَعُدَّ مخالفا؛ فإذا اختلفوا فأخذ هذا بقول هؤلاء، وهذا بقول هؤلاء لم يكن هذا أصوب من هذا، ولم يكن هذا أبعد من هذا؛ بل كل منهم له سلف من الصحابة، وله مَنْ اعتمد على قوله.
وبعد ذلك نقول: إن المسائل التي اختلفوا فيها كلها تتعلق بالأحكام وبالفروع، وإن الاختلافات سببها الاجتهاد في المسائل التي ليس فيها نَصٌّ صريح؛ وإلا فإنهم متى وجدوا النص الصريح فإنهم لا يَعْدِلُون عنه؛ بل يقولون به.
وهكذا حصل الاختلاف –أيضا- بين الأئمة الأربعة الذين دُوِّنَت مذاهبهم، واحتفظ بها إلى اليوم؛ فإنه وقع بينهم خلاف؛ وهم مع ذلك لم يُضَلِّلْ بعضهم بعضا؛ بل كل منهم يعترف بالآخر، ويدعي أنه تلميذ له، وأنه شيخه، وإن كان مخالفا له في نوع من الاجتهاد.