جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
أخبار الآحاد
79656 مشاهدة print word pdf
line-top
مناقشة من يقول لو حصل العلم بخبر الواحد لما احتيج في الأحكام إلى تعدد الشهود ولا إلى يمين

7- ومنها قولهم: لو حصل العلم بخبر الواحد لما احتيج في الأحكام إلى تعدد الشهود، ولا إلى يمين المدعي مع الشاهد، فعدم جواز الحكم بشهادة الواحد دليل عدم حصول العلم بخبره، فكذلك كل خبر واحد.
     فيقال: لما كانت حقوق العباد بينهم كثيرا ما يقع فيها النزاع والتشاجر، جعل الله الحكم بينهم بأمر ظاهر منضبط، هو البينة التي إذا وجدت تحتم الحكم بها. وليس ذلك لحصول العلم بما شهدت به ، ولا لعدم حصوله بما دونها.
     فإن الحاكم لو حصل له العلم بخلاف ما شهدت به لم يجز له القضاء بعلمه ، والعدول عن البينة . فالقاضي قد يحصل له العلم بالقضية بدون بينة ، وقد يحصل له بشهادة واحد ، وقد لا يحصل له بشهادة أربعة أو أكثر.
     ولكنه مكلف بالحكم إذا تمت البينة ، فلو امتنع من ذلك أثم ، ولو كان الأمر في الباطن بخلاف ما حكم به. ثم لا يلزم من الحكم بموجب الشهادة العمل بالظن ، ولا القول بأن خبر الواحد إنما يفيد الظن ، فيعمل به لذلك.
     حيث إن الأخبار الدينية تتضمن شرع الله الذي تكفل بحفظه، وضمن بقاءه ، فلا بد من وضوح ظاهر في الفرق بينه وبين ما سواه من الباطل. لذلك كان ما تضمنته هذه الأخبار حقا متيقنا ، مقطوعا بصحته، بخلاف ما شهدت به البينة، فإنه في حقوق العباد، مما قدر الله بينهم فيه التظالم والتعدي من بعضهم على البعض الآخر، وقد شوهد من بعضهم الكذب والزور .
     فكان ما شهدت به البينة يكون أحيانا مظنونا وقد يكون متيقن الصحة أو الكذب ، فالحكم إذًا إنما يعتمد أمر الله بذلك، وهو أمر بشيء منضبط لا خَفَاء فيه ، ثم فيه نوع من التعبد فيأثم من تركه.
     وهذا بخلاف أخبار الدين، فإننا لا نحكم بثبوتها لنقل اثنين أو أكثر مع تطرق الشك، أو غلبة عدم صحة الخبر، ونصدق خبر من دون نصاب الشهادة إذا ظهرت أمارات الصدق.

line-bottom