اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
أخبار الآحاد
49662 مشاهدة
تدوين الحديث النبوي


  لقد ورد النهي عن كتابة الحديث في آثار مرفوعة وموقوفة، كما ورد الإذن بها صريحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأحيان ولبعض الأشخاص ومن الخطأ حمل النهي عن الكتابة على عدم حجية الأحاديث، كما توهم ذلك بعض الزنادقة. وكذا حمله على أن السبب الوحيد قلة أدوات الكتابة والكتاب، فقد كان في الصحابة وأبنائهم الكثير ممن يحسن الكتابة .
وأصح ما حمل عليه النهي عن كتابة الحديث أن ذلك خاص بأول الإسلام، ليشتغلوا بحفظ القرآن ويقبلوا على دراسته من الألواح والصحف، ويكون أخذهم للحديث بالممارسة والمجالسة. أو أن النهي خاص بكتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة، مخافة الاشتباه على الجهلاء به، ويكون الإذن فيها لمن عرف منه عدم الاشتباه، كعبد الله بن عمرو وعند الحاجة كأمره بالكتابة لأبي شاه .
 ولقد اشتهر أنه صلى الله عليه وسلم كتب صحائف كثيرة لبعض المعاهدين وفي بعض المناسبات، وبعث كتبا إلى رؤساء الدول في عهده يدعوهم إلى الإسلام وذلك دليل جواز الكتابة لجنس الحديث.
ثم إن الصحابة عرفوا العلة في النهي، فتوقف بعضهم كما استعمل الكتابة آخرون للحاجة . ولما أن زال المحذور وتميز القرآن عن غيره، واشتدت الحاجة إلى الكتابة، ابتدئ في تدوين السنة، وذلك في أواخر القرن الأول بأمر عبد العزيز بن مروان ثم ابنه عمر ثم اشتهرت الكتابة في القرن الثاني فكانوا يكتبون ويحدثون من كتبهم مع المحافظة عليها.
إلى أن وصلت هذه الأحاديث إلى علماء أجلاء كالبخاري ومسلم وأهل السنن، فدونوها في مؤلفاتهم تدوينا عاما أو خاصا ، مع بيان صحيحها من ضعيفها ونحو ذلك.
وقد وصلت إلينا تلك الدواوين بحمد الله كما كتبوها، مصونة عن التغيير والتبديل، وبهذا تحقق ضمان الله بحفظ مصادر الشريعة، وقامت حجة الله على العباد، والحمد لله رب العالمين.