إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
96138 مشاهدة print word pdf
line-top
مكانة الصحابة

...............................................................................


ثم يقول رحمه الله:
ولكلهم قدر عـلا وفضائـل
.........................
وفي نسخة:
ولكلــهم قدر وفضل ساطع
لكنمـا الصديق منهم أفضل
أي: كل الصحابة لهم قدر عليٌّ رفيع، ولهم فضائل تميزوا بها دلت عليها الآيات القرآنية، ودلت عليها الأحاديث النبوية؛ قدر وفضل ساطع مشتهر لا يمكن أنه يجحده جاحد .
وهذا الفضل أولا: مبادرتهم إلى تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا لا يدركه غيرهم؛ لأنهم سبقوا إليه .
وثانيا: صحبتهم؛ كونهم صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوذوا معه، وجاهدوا معه، وتعلموا منه، وصلوا خلفه، وجالسوه وآنسوه وآكلوه، وشاربوه، وأكرموه، وواسوه، ونصروه؛ فيعتبرون أنصار الله تعالى، وأنصار رسوله، فمن الذي يدرك هذا الفضل بعدهم؟ لا شك أن هذا مما تميزوا به .
ولكلهم قدر عـلا وفضائـل
.........................
والأدلة التي أشرنا إليها في القرآن تدل على هذا الفضل، وتدل على أنهم لهم فضل كبير، وكذلك فضائل تخص كلا منهم يعني: كثير منهم لهم فضائل تخصهم؛ إما عموما، وإما خصوصا، فمما يخص بعض أقارب النبي -صلى الله عليه وسلم- روي أن العباس قال: يا رسول الله: إن بعض قريش يجفو بني هاشم الذين هم أعمام والد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده..... .

line-bottom