شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
درس الآداب والأخلاق الشرعية
10902 مشاهدة print word pdf
line-top
الإنصاف

كذلك من آداب الإسلام: الإنصاف من النفس. الإنسان ينصف من نفسه، ويعترف بما عنده، أما الذي يشمئز ولا يقبل إلا ممن فوقه ويحتقر من دونه، يحتقر إذا جاءه من ينصحه ممن هو دونه أو أقل منه رتبة، ويقول: من أنت؟! وما أنت حتى تنصحني؟! أنا أعلم منك وأنا أرفع منك وأنا أجل منك وأنا أكبر منك سنا وأكبر منك قدرا، فكيف ترشدني؟! وكيف تنصحني؟! هل يقول هذا عاقل؟ لا شك أن الذي يرد النصيحة إذا كانت من كبير جاهل أو من صغير عالم أو نحو ذلك، ويقول: أنا أعلم أو أنا أسن منك. أن هذا خاطئ وضال؛ بل الحق مقبول مع من جاء به، يقول القائل: اقبل الحق ممن جاء به وإن كان عدوا، ورد الباطل على من جاء به وإن كان صديقا. انظر إلى القول لا إلى القائل؛ فإذا كان القول صوابا فتقبله وأنصف من نفسك واعترف بخطئك إذا بين لك خطؤك؛ وذلك لأنه ليس أنت معصوم لا بد أن يقع فيك خطأ كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون فالإنصاف: هو أن تنصف من نفسك، وأن تعترف بما أنت مخل به. ولا شك أن ذلك يرفع من قدرك، ولا ينقصك عند الله ولا عند عباد الله؛ بل يرفع من معنويتك، ويقال: هذا دليل على أنه يقصد الحق ويريده.
ولقد كان العلماء الأجلاء -رحمهم الله- إذا نصحوا وذكروا بالتذكير ووعظوا بالموعظة الصالحة الحسنة تقبلوها وأقبلوا عليها مهما كان قائلها، وردوا آراءهم وطمسوا ما كتبوه من الكتابات ورجعوا إلى الحق والصواب، وقالوا: الرجوع إلى الحق هو الصواب وهو واجب الجميع، الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. هذا هو الذي يلزمنا: أن نرجع إلى الحق وأن ننصف من أنفسنا وألا نتعنت في خطئنا وألا نصر على باطل ونحن قد عرفنا أنه باطل؛ ولو كان الذي جاءنا به صغير أو حقير أو نحو ذلك. هذا هو الإنصاف.
ولا شك أيضا أن الإنسان سيما طالب العلم وحامل العلم عليه من الآداب أن يكون قدوة للناس في علمه وفي عمله، فلا يحتقر من دونه ولا يتكبر على الصغير ولا على غيره، لا يتكبر على أحد ولا يحمل في نفسه اشمئزازا ولا عتوا ولا نفورا؛ بل يكون متواضعا لكل أحد. هذا هو الأدب الصحيح لطالب العلم.

line-bottom