لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
درس الآداب والأخلاق الشرعية
6164 مشاهدة
الإنصاف

كذلك من آداب الإسلام: الإنصاف من النفس. الإنسان ينصف من نفسه، ويعترف بما عنده، أما الذي يشمئز ولا يقبل إلا ممن فوقه ويحتقر من دونه، يحتقر إذا جاءه من ينصحه ممن هو دونه أو أقل منه رتبة، ويقول: من أنت؟! وما أنت حتى تنصحني؟! أنا أعلم منك وأنا أرفع منك وأنا أجل منك وأنا أكبر منك سنا وأكبر منك قدرا، فكيف ترشدني؟! وكيف تنصحني؟! هل يقول هذا عاقل؟ لا شك أن الذي يرد النصيحة إذا كانت من كبير جاهل أو من صغير عالم أو نحو ذلك، ويقول: أنا أعلم أو أنا أسن منك. أن هذا خاطئ وضال؛ بل الحق مقبول مع من جاء به، يقول القائل: اقبل الحق ممن جاء به وإن كان عدوا، ورد الباطل على من جاء به وإن كان صديقا. انظر إلى القول لا إلى القائل؛ فإذا كان القول صوابا فتقبله وأنصف من نفسك واعترف بخطئك إذا بين لك خطؤك؛ وذلك لأنه ليس أنت معصوم لا بد أن يقع فيك خطأ كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون فالإنصاف: هو أن تنصف من نفسك، وأن تعترف بما أنت مخل به. ولا شك أن ذلك يرفع من قدرك، ولا ينقصك عند الله ولا عند عباد الله؛ بل يرفع من معنويتك، ويقال: هذا دليل على أنه يقصد الحق ويريده.
ولقد كان العلماء الأجلاء -رحمهم الله- إذا نصحوا وذكروا بالتذكير ووعظوا بالموعظة الصالحة الحسنة تقبلوها وأقبلوا عليها مهما كان قائلها، وردوا آراءهم وطمسوا ما كتبوه من الكتابات ورجعوا إلى الحق والصواب، وقالوا: الرجوع إلى الحق هو الصواب وهو واجب الجميع، الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. هذا هو الذي يلزمنا: أن نرجع إلى الحق وأن ننصف من أنفسنا وألا نتعنت في خطئنا وألا نصر على باطل ونحن قد عرفنا أنه باطل؛ ولو كان الذي جاءنا به صغير أو حقير أو نحو ذلك. هذا هو الإنصاف.
ولا شك أيضا أن الإنسان سيما طالب العلم وحامل العلم عليه من الآداب أن يكون قدوة للناس في علمه وفي عمله، فلا يحتقر من دونه ولا يتكبر على الصغير ولا على غيره، لا يتكبر على أحد ولا يحمل في نفسه اشمئزازا ولا عتوا ولا نفورا؛ بل يكون متواضعا لكل أحد. هذا هو الأدب الصحيح لطالب العلم.