إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
أخبار الآحاد
81076 مشاهدة print word pdf
line-top
مناقشة من يقول لو حصل العلم بخبر الواحد لما احتيج في الأحكام إلى تعدد الشهود ولا إلى يمين

7- ومنها قولهم: لو حصل العلم بخبر الواحد لما احتيج في الأحكام إلى تعدد الشهود، ولا إلى يمين المدعي مع الشاهد، فعدم جواز الحكم بشهادة الواحد دليل عدم حصول العلم بخبره، فكذلك كل خبر واحد.
     فيقال: لما كانت حقوق العباد بينهم كثيرا ما يقع فيها النزاع والتشاجر، جعل الله الحكم بينهم بأمر ظاهر منضبط، هو البينة التي إذا وجدت تحتم الحكم بها. وليس ذلك لحصول العلم بما شهدت به ، ولا لعدم حصوله بما دونها.
     فإن الحاكم لو حصل له العلم بخلاف ما شهدت به لم يجز له القضاء بعلمه ، والعدول عن البينة . فالقاضي قد يحصل له العلم بالقضية بدون بينة ، وقد يحصل له بشهادة واحد ، وقد لا يحصل له بشهادة أربعة أو أكثر.
     ولكنه مكلف بالحكم إذا تمت البينة ، فلو امتنع من ذلك أثم ، ولو كان الأمر في الباطن بخلاف ما حكم به. ثم لا يلزم من الحكم بموجب الشهادة العمل بالظن ، ولا القول بأن خبر الواحد إنما يفيد الظن ، فيعمل به لذلك.
     حيث إن الأخبار الدينية تتضمن شرع الله الذي تكفل بحفظه، وضمن بقاءه ، فلا بد من وضوح ظاهر في الفرق بينه وبين ما سواه من الباطل. لذلك كان ما تضمنته هذه الأخبار حقا متيقنا ، مقطوعا بصحته، بخلاف ما شهدت به البينة، فإنه في حقوق العباد، مما قدر الله بينهم فيه التظالم والتعدي من بعضهم على البعض الآخر، وقد شوهد من بعضهم الكذب والزور .
     فكان ما شهدت به البينة يكون أحيانا مظنونا وقد يكون متيقن الصحة أو الكذب ، فالحكم إذًا إنما يعتمد أمر الله بذلك، وهو أمر بشيء منضبط لا خَفَاء فيه ، ثم فيه نوع من التعبد فيأثم من تركه.
     وهذا بخلاف أخبار الدين، فإننا لا نحكم بثبوتها لنقل اثنين أو أكثر مع تطرق الشك، أو غلبة عدم صحة الخبر، ونصدق خبر من دون نصاب الشهادة إذا ظهرت أمارات الصدق.

line-bottom