إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح مختصر زاد المعاد
33569 مشاهدة
حكم المضمضة والاستنشاق

...............................................................................


جاءت السنة بتفصيل ما أجمل في القرآن، فالله تعالى ذكر غسل الوجه، والوجه ما تحصل به المواجهة، ما تحصل به المقابلة، فيدخل في ذلك ما تحت منابت الشعر المعتاد، ويدخل في ذلك العارضان والذقن، كل ذلك داخل في مسمى الوجه، فهذا دليل على أنه لا بد من غسل ما تحصل به المواجهة.
ثم أدخل في ذلك المضمضة والاستنشاق لأنهما في حكم الظاهر، المنخران يحتاجان إلى تنظيف لما يتحلل من الرأس من هذه المخاط ونحوه فيحتاج إلى تنظيفه، فكان غسلهما لأجل النظافة، وكذلك أيضًا الاستنشاق لأجل تطهير ما هو في حكم الظاهر، الفم معروف أيضًا أنه يجتمع فيه اللعاب وقد يخرج منه النخام ونحوه ويكون في الفم بعد الأكل شيء من آثار الأكل بين الأسنان ونحوه فلذلك شرع تنظيفه بعد الأكل وتنظيفه عند الوضوء، فجاءت السنة باستعمال الوضوء، وباستعمال المضمضة والاستنشاق في غسل الوجه.
دلت الأحاديث على أن الفم والأنف تابعان للوجه لا يجوز الإخلال بهما، وما ذاك إلا لكثرة الأدلة التي تدل على ذلك، ما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك المضمضة والاستنشاق مرة، بل كلما توضأ استنشق وتمضمض، وهذا هو القول الصحيح.
ذهب بعض العلماء كالشافعية إلى أنهما مستحبان غير واجبين، قالوا لأن الوجه هو ما تحصل به المواجهة والفم تخفيه الشفتان والمنخران يخفيهما الأنف فلا يكون ذلك بارزًا.
فنقول: جاءت السنة بالبيان فليس لأحد أن يعدل عنها، فقد ورد ما يدل على الأمر بالمضمضة والاستنشاق، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأت فمضمض والمضمضة تحريك الماء في الفم، ورد أيضًا أنه قال: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا فهذا أمر، والأمر للوجوب ما لم يصرف عنه صارف، فالمضمضة والاستنشاق من تمام غسل الوجه، هذا هو القول الصحيح.
ثم ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمضمض أحيانًا بثلاث غرفات، يغرف الغرفة فيجعل بعضها في فمه وبعضها في أنفه، وأحيانًا يتمضمض ثلاثًا بثلاث غرفات ويستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات، وأحيانًا يقتصر على مضمضة واستنشاق مرة واحدة، وأحيانًا مرتين، وكل ذلك جائز لحصول المقصود وهو تحريك الماء في الفم لتنظيفه.
وكذلك إدخال الماء واجتذابه في الأنف لتنظيفه، كان يغترف الماء بيده اليمنى فيستنشقه؛ يعني يجتذبه بنفسه لخياشيمه، ثم بعد ذلك ينتثر بيده اليسرى؛ يخرج ذلك الماء بنفسه ثم يمسحه بيده اليسرى، وكذلك أيضًا يحرك أسنانه بيده اليسرى، ويجوز باليمنى، وبكل حال فإن هذا مما جاءت به السنة.