تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح مختصر زاد المعاد
33603 مشاهدة
فوائد الطهارة بالماء وأهميته

...............................................................................


نعمة من أكبر النعم وأجلها هذا الماء، لو غار الماء لهلك الناس لو فقدوا الماء لهلكوا ولهلكت أنعامهم ولهلكت أشجارهم، ولكن هو أغلى الأشياء، وكذلك هو أيسرها وهو أسهلها تناولًا، يسره الله تعالى وسهل الوصول إليه.
فمن فوائده الطهارة، أنه يستعمل في الطهارة؛ فينظف النجاسات الأقذار والنجاسات التي على البدن أو على الثياب أو على البقعة ينظفها ويطهرها، قال تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وكذلك يرفع الأحداث، الحدث أمر معنوي يحل بالبدن يمنع من الصلاة والطواف ومس المصحف ونحوها، وهذا الحدث يرتفع بالوضوء عند وجود الماء، وبالتيمم عند عدم الماء، أمر معنوي سببه أحد النواقض التي هي نواقض الوضوء، إذا وجد ناقض حل بالبدن هذا الأمر فيسمى حدثًا، ويرتفع الحدث باستعمال الماء أو باستعمال التراب عند عدم الماء.
ثم بين الله تعالى كيفية هذا التطهر قال تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ؛ أي واغسلوا أرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثم قال: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وفي آية أخرى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا فبين الطهارة الصغرى وهي الوضوء، والطهارة الكبرى وهي الاغتسال.
ولا شك أن الله ما أمر بها عبثًا؛ بل فيها حكم عظيمة وفوائد جسيمة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى، فإن استعمالك لهذا الماء في هذه الأعضاء أولًا: فيه امتثال أمر الله تعالى أنك أطعت الله حيث غسلت هذه الأعضاء عند إرادتك للصلاة.
ثانيًا: لا شك أن فيه تنظيفا لهذه الأعضاء، فإن الوجه يقابله غالبًا التراب والغبار ونحو ذلك، وكذلك اليدان يعمل بهما ويكونان غالبًا بارزتين فيلاقيان الأعمال والغبار وما أشبهها، وكذلك الرجلين أي يلاقي بهما أيضًا التراب والغبار، فشرع غسل هذه الأعضاء، ولما كان الرأس في غسله مشقة لما عليه من الشعر اكتفي بإمرار اليدين عليه مبلولتين بالماء وهو المسح، فكان في ذلك تنظيف لهذه الأعضاء.
ثم فائدة ثالثة وهي: النشاط، فمعلوم أن غسل الوجه يكسب الإنسان نشاطًا، ويزيل عنه الكسل، ويزيل عنه النعاس والخمول، وكذلك غسل اليدين والذراعين، وغسل القدمين، يكسب البدن نشاطًا وقوة، فالله سبحانه وتعالى ما شرع هذه الطهارة إلا لحكمة عظيمة.
كذلك أيضًا الاغتسال سببه بالنسبة للرجل الإنزال والجماع ونحو ذلك، فإذا حصل منه هذا الإنزال فالغالب أنه يحصل معه إكسال، ويحصل معه بعد ذلك الإنزال شيء من الفتور، فيناسب أن يغتسل يغسل بدنه ليعوض البدن بما خرج منه من ذلك المني يقويه يكسبه قوة، وهذا شيء محسوس، أن الذي لا يغتسل بعد الوطء أو بعد الاحتلام يحس بخمول؛ ويحس بكسل وبتثاقل؛ فإذا اغتسل أحس بنشاط وأحس بقوة.
وهكذا أيضًا الاغتسال للنظافة لا شك أيضًا أنه يكسب البدن نشاطًا وقوة، معلوم أنه إذا أحس بالنشاط من آثار ذلك أحب هذا العمل، الإنسان يحتاج إلى أن يغسل بدنه بعد الوسخ أو العرق أو بعد طول العهد ولو لم يكن عليه حدث، وبعد ذلك يكتسب نشاطًا وقوة، لا شك أن الله تعالى ما شرع هذه الطهارة إلا لحكم عظيمة يعرفها من تتبعها وتأملها.