إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
41268 مشاهدة
جيل الصحابة خير القرون


فنقول: خير القرون؛ جاء أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: خير القرون قرني أو القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري أذَكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة. فبعد هذا القرن الذين هم الصحابة ثم التابعون ثم تابعو التابعين.
فالقرن الأول: هم الصحابة هم الذين رأوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، وقد وردتْ الآياتُ في مدحهم، مثل قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ مدح لهم وغيرها من الآيات الكثيرة، فهم خير القرون؛ وذلك لأنهم صحبوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به وصدقوه وجاهدوا معه ونصروه فلهم الفضل.
ثم الذين يلونهم: وهم التابعون الذين تتلمذوا على الصحابة، وأخذوا عنهم، قد يكون كثير منهم في القرن الأول؛ يعني كالفقهاء السبعة الذين في المدينة سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وخارجة بن زيد وأبي بكر عبد الرحمن بن الحارث وسليمان بن يسار يعني فقهاء الصحابة وعروة بن الزبير ونحوهم، هؤلاء من التابعين.
ثم الذين يلونهم: بعد ذلك نقول: إن تابعي التابعين يلونهم في الفضل، ومنهم مالك بن أنس والأوزاعي والثوري ونحوهم من العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ومنهم أصحاب الصحيحين، وأصحاب الكتب الستة وغيرهم، كلهم بلا شك لهم الفضل والْمَزِيَّة.