إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
41255 مشاهدة
نشر الصحف يوم القيامة


هكذا أخبر الله -تعالى- أنهم يؤتون صحف أعمالهم، فالذين يؤتون صحفهم بأيمانهم؛ فيقول أحدهم: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ما هو هذا الكتاب؟ بطاقة تدل على سعادته؛ قيل: إنه مكتوب فيها، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية، فمن مر به يقول: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وفي آية أخرى: من وراء ظهره وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا فيقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ قيل: إن شماله تكون ملوية وراء ظهره؛ فيأخذ بها كتابه وراء ظهره؛ فيدل على شقائه، ومع ذلك يحاسبهم الله -تعالى- فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ذكرنا أن هذا الحساب اليسير هو حساب العرض، أي: تعرض عليه أعماله دون أن يقال: ما عذرك في هذا؟ ولماذا عملت بهذا؟ ولم نقص عملك هذا؟ ولم سهوت- مثلا- في صلاتك؟ ولم خففت هذه الصلاة؟ -مثلا- لا يناقش، لا يناقش الحساب، وإنما يحاسب حسابا يسيرا، وأما من حوسب حسابا شديدا؛ فإنه يعذب مهما كان فمن نوقش الحساب عذب .
وقد ذكر الله -تعالى- أن كلا منهم يحاسب نفسه يقول الله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ فيدل على أنه يقرأ كتابه؛ فيرى فيه الحسنات، ويرى فيه السيئات، وأنه -سبحانه- يحاسب عباده كما يشاء، قادر على أن يحاسبهم في ساعة أو في أقل من ساعة، كما أخبر بأنه سريع الحساب، وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وأخبر -تعالى- بأن كلا منهم يقرأ كتابه، ويجد فيه أعماله، قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ يعنى: كتاب أعمالهم فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا هذا كله دليل على أن الله يعرض على العباد أعمالهم -دقيقها وجليلها- وأنه يحاسبهم عليها -كما يشاء- وأنه إذا خفف عن عبده الحساب؛ فإن ذلك من علامة سعادته؛ أن يحاسبه حسابا يسيرا.