الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
41251 مشاهدة
مجيء الله تعالى لفصل القضاء يوم القيامة


ثم يقول: وأن الله -تبارك وتعالى- يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا، هكذا جاء في القرآن، ذكر الله -تعالى- إتيانه في بضع آيات في سورة البقرة قال الله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ .
وقد أنكر ذلك المعتزلة والإباضية ونحوهم؛ فقالوا: إن المراد يأتي أمره، جاءوا بضمير لا دليل عليه . الموضع الثاني: في سورة الأنعام: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ولا شك أن هذا من التحريف، الذين يقولون: يأتي بعض آيات ربك أي: يأتي ربك، يعني: يأتي أمره .
كذلك في سورة الفجر يقول الله تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يحرفونها أيضا ويقولون: جاء ربك أي: جاء أمره، لماذا؟ الله -تعالى- يفعل ما يشاء، يجيء لفصل القضاء، ويفصل بين عباده، الذين أنكروا المجيء، يقولون: إن الله منزه عن المجيء والذهاب؛ فيقولون: إنما هذا من شأن المحدثات والمركبات، وهذا تدخل منهم فيما لا يعنيهم، نحن لا نقول: إن الله -تعالى- يتركب من كذا وكذا؛ بل نقول: إن لله- تعالى- ذاتا حقيقية، وأنتم توافقوننا وإذا كان كذلك؛ فما المانع من أن يجيء لفصل القضاء، وأن يفصل بين عباده -كما يشاء- يأتي كما يشاء، ولا يلزم منه أنه يكون -سبحانه وتعالى- يحجزه أو يحجبه شيء أو يحوزه شيء أو نحو ذلك.
فالله -تعالى- يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقوباتها وثوابها، هكذا أخبر الله أنه يجيء لفصل القضاء بين عباده؛ فتعرض الأمم عليه، ويحكم بشقاء هؤلاء، وبسعادة هؤلاء، ويأمر بحسابهم فيحاسبون؛ يحاسبون على أعمالهم، وكذلك أيضا يقول: هؤلاء للعذاب وهؤلاء للثواب، والله سريع الحساب.