الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
تفاسير سور من القرآن
67410 مشاهدة
تفسير قوله نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ

...............................................................................


نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ في هاتين الكلمتين بضميمة إحداهما إلى أخرى أربع قراءات سبعيات كلها صحيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقرأه نافع وحده من السبعة وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا تُغْفَرْ لَكُمْ خَطِيئَاتُكُمْ، بضم تاء تغفر وفتح الفاء مبنيا للمفعول.
وخَطِيئَاتُكُمْ هو جمع مؤنث سالم هو نائب فاعل تغفر. وهذه قراءة نافع وحده.
وقرأه الشامي أعني ابن عامر وحده من السبعة: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا تُغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَتُكُمْ. قراءة ابن عامر كقراءة نافع إلا أن نافعا قال: خَطِيئَاتُكُمْ بالجمع، وابن عامر قرأ خَطِيئَتُكُمْ بالإفراد، واكتسبت العموم من إضافتها إلى الضمير.
وقرأ أبو عمرو وحده: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ. لنغفر بنون العظمة وخَطَايَاكُمْ جمع تكسير. وقرأ الباقون من السبعة وهم ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ بكسر التاء جمعا مؤنثا سالما والكسرة علامة النصب.
هذه القراءات في الآية الصحيحة ومعناها شيء واحد كما ترون؛ وهذا معنى قوله.الغفران في لغة العرب هو الستر والتغطية، والخطايا والخطيئات جمع خطيئة وهي الذنب العظيم الذي يستحق صاحبه النكال. يقال لها: خطيئة وخطء، ومنه قوله: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ويقال للمرتكبها عمدا: خاطئ، ومنها قوله: نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ .
وقوله: وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ فالخاطئ بصورة الفاعل إنما هو على مرتكب الخطيئة عمدا. أما مرتكب الذنب غير عامد فهو المسمى بالمخطئ؛ فلا يقال له: خاطئ؛ كما هو معلوم.
وعلى قراءة نَغْفِرْ ؛ فصيغة الجمع للتعظيم، عظم الله جل وعلا نفسه؛ وهذا معنى قوله: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ .